على وجود أسباب لها خارج نطاقها، فكيف نستطيع أن نعترف للفكرة بأكثر من هذه الدلالة الغامضة؟!
وهب أنّ الماركسية نجحت في تفسير الفكر والإدراك بعملية تحوّل للحركة الفيزيائية إلى حركة نفسية، فهل يعني هذا: أنّ الفكرة تستطيع أن تطابق الواقع الموضوعي بصورة كاملة؟! إنّ هذا التفسير يجعلنا ننظر إلى الفكرة وواقعها الخارجي كما ننظر إلى الحرارة والحركة الآلية التي تتحوّل إليها.
ومن الواضح: أنّ الاختلاف الكيفي بين شكلي الحركة فيهما يجعلهما غير متطابقين، فكيف نفترض التطابق بين الفكرة وواقعها الموضوعي؟!
ويبدو على المدرسة الماركسية لون من الاضطراب والتشويش عند مواجهتها هذه المشكلة. ويمكننا أن نستخلص دليلين لها على هذه النقطة من عدّة نصوص متفرّقة ومشوّشة: أحدهما دليل فلسفي، والآخر دليل بيولوجي علمي.
أمّا الدليل الفلسفي فيلخّصه النصّ التالي:
«إنّ الفكر يستطيع أن يعرف الطبيعة معرفة تامّة؛ ذلك لأ نّه يؤلّف جزءاً منها؛ ذلك لأنّه نتاجها والتعبير الأعلى عنها.
إنّ الفكر هو الطبيعة تعي ذاتها في ضمير الإنسان. يقول لينين: «إنّ الكون هو حركة للمادّة تخضع لقوانين، ولمّا لم تكن معرفتنا إلّانتاجاً أعلى للطبيعة، لا يسعها إلّاأن تعكس هذه القوانين».
ولقد كان (أنجلز) يبيّن في كتابه (آنتي دوهرنغ): «أنّ المادّية الفلسفية هي وحدها التي تستطيع تأسيس قيمة المعرفة على دعائم متينة».
حين يؤخذ الوعي والفكر على أ نّهما شيئان معطيان،