والإدراك[1].
ولنعرض شيئاً من النصوص الماركسية التي حاولت معالجة المشكلة بما لا يتّفق مع طبيعتها وطابعها الفلسفي:
أ- قال (روجيه غارودي):
«تُعلّمنا العلوم أنّ الإنسان ظهر على وجه الأرض في زمن متأخّر جدّاً، وكذلك الفكر معه. ولكي نؤكّد أنّ الفكر كان موجوداً متقدّماً على الأرض (على المادّة)، يجب- إذن- التأكيد بأنّ هذا الفكر لم يكن فكر الإنسان. إنّ المثالية في جميع أشكالها لا تستطيع أن تنجو من اللاهوت»[2].
[1] وقد جاء في كلام( أنجلز) السابق التأكيد على ناحية القيمة الموضوعية لخلق ظاهرة وإنشائها، وأنّ في ذلك الردّ الحاسم على النزعات المثالية. ولا أظنّ هذا التأكيد حين يصدر من المدرسة الماركسية ينطوي على معنىً فلسفي خاصّ، وإن أمكن للباحث الفلسفي أن يصوغ من ذلك دليلًا خاصّاً على إثبات الواقع الموضوعي يرتكز على العلم الحضوري، نظراً إلى أنّ الفاعل يعلم بآثاره وما يخلق علماً حضورياً، والعلم الحضوري بشيء هو نفس وجوده الموضوعي. فالإنسان- إذن- يتّصل بالواقع الموضوعي لما يعلمه علماً حضورياً. فالمثالية إذا أسقطت من حساب المعرفة الموضوعية العلم الحصولي الذي لا نتّصل فيه إلّابأفكارنا، كفى للواقعية العلم الحضوري.
ولكنّ هذا الدليل يقوم على فهم مغلوط للعلم الحضوري؛ فإنّ أساس معرفتنا للأشياء إنّما هو العلم الحصولي. وأمّا العلم الحضوري فهو لا يعني أكثر من حضور المعلوم الواقعي لدى العالم، ولذلك كان كلّ إنسان يعلم بنفسه علماً حضورياً، مع أنّ كثيراً من الناس أنكر وجود النفس. ولا تتّسع حدودنا الخاصّة في هذه الدراسة للإفاضة في هذه الناحية.( المؤلّف قدس سره)
[2] ما هي المادّية؟: 32