«لقد وجدت الأرض حتّى قبل كلّ كائن ذي حساسية، قبل كلّ كائن حيّ. وما كان لأيّة مادّة عضوية أن توجد على الكرة الأرضية في أوّل مراحل وجودها.
فالمادّة غير العضوية سبقت الحياة إذن، وكان على الحياة أن تنمو وتتطوّر خلال آلاف آلاف السنين قبل أن يظهر الإنسان ومعه المعرفة. العلوم تقودنا- إذن- إلى التأكيد بأنّ العالم قد وجد في حالات لم يكن فيها أيّ شكل من أشكال الحياة أو الحسّاسية ممكناً»[1].
هكذا يعتبر (روجيه) الحقيقة العلمية- القائلة بضرورة تقدّم نشأة المادّة غير العضوية على المادّة العضوية- دليلًا على وجود العالم الموضوعي؛ لأنّ المادّة العضوية ما دامت نتاجاً لتطوّر طويل ومرحلة متأخّرة من مراحل نموّ المادّة، فلا يمكن أن تكون المادّة مخلوقة للوعي البشري، الذي هو متأخّر بدوره عن وجود كائنات عضوية حيّة ذات جهاز عصبي ممركز، فكأ نّه افترض مقدّماً أنّ المثالية تسلّم بوجود المادّة العضوية، فشاد على ذلك استدلاله، ولكنّ هذا الافتراض لا مبرّر له؛ لأنّ المادّة بمختلف ألوانها وأقسامها- من العضوية وغيرها- ليست في المفهوم المثالي إلّاصوراً ذهنية، نخلقها في إدراكاتنا وتصوّراتنا. فالاستدلال الذي يقدّمه لنا (روجيه) ينطوي على مصادرة، وينطلق من نقطة لا تعترف بها المثالية.
ب- قال لينين:
[1] ما هي المادّيّة؟: 4