3- جون لوك[1]:
وهو الممثّل الأساسي للنظرية الحسّية والتجريبية كما عرفنا سابقاً. ورأيه في نظرية المعرفة أنّ المعارف تنقسم كما يأتي:
أ- المعرفة الوجدانية، وهي: المعرفة التي لا يحتاج الفكر في سبيل الحصول عليها إلى ملاحظة شيء آخر. كمعرفتنا بأنّ الواحد نصف الاثنين.
ب- المعرفة التأمّلية، وهي لا تحصل من دون استعانة بمعلومات سابقة، كمعرفتنا بأنّ مجموع زوايا المثلّث يساوي قائمتين.
ج- المعرفة الناشئة من وقوع الحسّ على المعنى المعلوم.
ويعتقد (لوك) أنّ المعرفة الوجدانية معرفة حقيقية ذات قيمة كاملة من الناحية الفلسفية، وكذلك المعرفة التأمّلية التي يمكن توضيحها باستدلال صحيح.
وأمّا المعرفة الحسّية فلا قيمة لها فلسفياً وإن كانت معتبرة في مقاييس الحياة العملية. ونظراً لذلك لم يؤمن موضوعياً بجميع خواصّ المادّة المدرَكة بالحسّ، بل اعتبر بعضها خواصّاً حقيقية موضوعية، كالشكل والامتداد، والحركة، واعتبر بعضها الآخر انفعالًا ذاتياً، كاللون، والطعم، والرائحة، وما إليها من صفات.
ونظرية (لوك) هذه في المعرفة ووزنها الفلسفي لا يتّفق مع رأيه الخاصّ في تحليل المعرفة؛ ذلك أنّ الإدراك في زعم (لوك) يرجع كلّه إلى الحسّ والتجربة، وحتّى المعارف البديهية- كمبدأ عدم التناقض ونحوه من المبادئ الأساسية في الفكر البشري- لم توجد لدى الإنسان إلّاعن هذا الطريق. وهذا الحسّ الذي هو
[1] يراجع قصّة الفلسفة الحديثة 1: 135- 138، وموسوعة الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي 2: 373( لوك)