______________________________
أنّ تنزيل فعل الوكيل منزلة فعل الموكّل غاية أثره أ نّه يكون حاكماً على الدليل الأوّلي الدالّ على صحّة بيع المالك، وموسِّعاً لموضوعه، ومدرجاً لبيع الوكيل فيه بالتعبّد والحكومة، ولا يوجب صحّة إسناد البيع إلى المالك حقيقة؛ لأنّ باب التوسعة في دائرة الحكم غير باب التوسعة في دائرة الإسناد والاستعمال، كما هو الحال في سائر موارد الأدلّة الحاكمة. فالدليل الدالّ على تنزيل الاحتمال منزلة العلم- مثلًا- لا يصحّح إسناد العلم إلى الشاكّ حقيقةً وإن أوجب توسعة دائرة أحكام العلم.
وهكذا نعرف: أنّ تصحيح الوكالة في الامور الاعتباريّة ليس من باب التنزيل؛ لأنّ التنزيل لا يصحّح الإسناد والتوسعة في دائرة الاستعمال حقيقة، فلا بدّ من الالتزام بوجه في معنى الوكالة في الامور الاعتباريّة يلتئم مع ما هو المرتكز عرفاً من صحّة إسناد بيع الوكيل إلى المالك حقيقة، وهذا الوجه هو: أن يكون مردّ التوكيل- بالارتكاز العرفي- إلى إنشاء مضمون المعاملة على سبيل التعليق.
فتوكيل المالك في بيع داره معناه: إنشاء بيعها على تقدير بيع الوكيل للدار بحيث يكون إنشاء المالك للبيع فعليّاً، ومتضمّناً في نفس إنشاء التوكيل بالارتكاز، ويكون المنشأ معلّقاً على حصول البيع من الوكيل، فعلى هذا يصحّ إسناد البيع حينئذٍ إلى المالك حقيقة عند حصول البيع من الوكيل.
فإن قيل: إنّ التعليق في المنشأ يوجب البطلان في البيع ونحوه من المعاملات.
قلنا: إنّ كون التعليق موجباً للبطلان ليس له دليل لفظي، وإنّما دليله أحد أمرين: إمّا الإجماع التعبّدي على ذلك، وإمّا أنّ المعاملة المعلّقة في مقام الإنشاء مخالفة للارتكاز العرفي الذي يصبح سبباً في انصراف المطلقات- نظير «أحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ»- عنها، وكلا الأمرين غير موجود في هذا التعليق الذي فسّرنا به الوكالة. أمّا الإجماع فهو منعقد على صحّة الوكالة بمعناها الارتكازي، والمفروض أنّ المعنى الارتكازي يتضمّن التعليق. وأمّا الارتكاز فهو على طبقه لا على خلافه في المقام. وإذا اتّضح معنى التوكيل بالنحو الذي قرّرناه تبيّن أنّ الصحيح ما ذكرناه، من أنّ صحّة الوكالة