الإيجابي والسلبي، ولكنّا لم نقل حتّى الآن شيئاً عن تفسير غير الاجور الثابتة من ألوان الكسب التي عرضها البناء العلْوي المتقدّم، وأعني بذلك: المشاركة في الربح، وربط المصير بنتائج العمليّة من فوز أو خسران، فالعامل في عقد المضاربة ليس له أجر ثابت يتقاضاه على كلّ حال من صاحب المال، وإنّما هو شريك في الأرباح، فكسبه يتحدّد ويتمدّد وفقاً لنتائج العمليّة، وكذلك العامل في عقد المزارعة أو في عقد المساقاة فقد سمح له بالكسب على أساس المشاركة في الأرباح أو الناتج، كما سبق في الفقرات (3 و 4 و 6) ولأجل هذا قلنا في مستهلّ البحث: إنّ العمل قد سمح له بنوعين من الكسب: أحدهما الأجر، والآخر المشاركة في الربح.
كما أنّ صاحب المال التجاري في عقد المضاربة، وصاحب الأرض في عقد المزارعة، وصاحب الشجر والأغصان في عقد المساقاة قد سمح لهم أيضاً بالكسب على أساس الربح، فلكلٍّ منهم نصيبه من الربح تبعاً لما يتّفق عليه في تلك العقود كما سبق في الفقرات التي أشرنا إليها آنفاً.
وفي مقابل هذا حُرمت أدوات الإنتاج من المشاركة في الربح، ولم تسمح لها الشريعة بالكسب على هذا الأساس، وإنّما أعطتها فرصة الكسب على أساس الأجر الثابت. فمن يملك أداة الإنتاج ليس له أن يدفعها إلى العامل على أساس المشاركة في الناتج أو الربح، كما سبق في الفقرة (11) من البناء العلْوي المتقدّم، التي جاء فيها: أنّ من يملك شبكة صيد أو أيّ آلة اخرى لا يجوز دفعها إلى العامل على أساس المشاركة فيما يصطاد، فإذا اصطاد بها العامل شيئاً كان الصيد كلّه له ولم يكن لصاحب الشبكة شيء منه.
فهذه ظواهر واضحة في البناء العلْوي، ومن حقّ البحث علينا أن نطرح بشأنها السؤال التالي: لماذا سمح للعمل بالكسب على أساس المشاركة في الربح