العامل بالعمل والبذر معاً؛ لأنّ مساهمة صاحب الأرض بالبذر اخذت شرطاً أساسيّاً لعقد المزارعة في النصّ السابق، وإذا تمّ ما يقرّره هذا النصّ بشأن البذر فعلى ضوئه يمكننا أن نفهم ما جاء عن النبيّ صلى الله عليه و آله من النهي عن المخابرة[1]؛ لأنّ المخابرة هي نوع من المزارعة يكلّف فيه صاحب الأرض بتسليم الأرض دون البذر. وهكذا نعرف من حدود النصّ الذي كتبه الشيخ الطوسي أنّ تعهّد صاحب الأرض بدفع البذر للعامل يعتبر عنصراً أساسيّاً في عقد المزارعة، ولا يصحّ العقد بدون ذلك[2].
وهذا ما ذهب إليه جملة من الفقهاء أيضاً، فقد كتب ابن قدامة يقول:
«ظاهر المذهب أنّ المزارعة إنّما تصحّ إذا كان البذر من ربّ الأرض والعمل من العامل، نصّ عليه أحمد في رواية جماعة واختاره عامّة الأصحاب، وهو مذهب ابن سيرين والشافعي وإسحاق»[3].
4- المساقاة عقد آخر يشابه عقد المزارعة، وهو لون من الاتّفاق بين شخصين: أحدهما يملك أشجاراً وأغصاناً، والآخر قادر على ممارسة سقيها حتّى تؤتي ثمارها.
ويتعهّد العامل في هذا العقد بسقي تلك الأشجار والأغصان حتّى تثمر، وفي مقابل ذلك يشارك المالك في الثمار بنسبة مئويّة تحدّد ضمن العقد.
وقد أجاز الإسلام هذا العقد، كما جاء في كثير من النصوص الفقهيّة[4].
[1] راجع سنن أبي داود 3: 262، كتاب البيوع، باب المخابرة، الحديث 2407
[2] راجع المبسوط 3: 253
[3] المغني 5: 589
[4] راجع المبسوط 3: 207، والروضة البهيّة 2: 507