حجراً من الطريق العامّ، أو ماءً من البئر لا تخلق في الحجر والماء فرصة جديدة للانتفاع بهما بشكل عامّ لم تكن من قبل؛ لأنّ الحجر أو الماء كان معروضاً للجميع، ولم تزد على أن سيطرت عليه وادّخرته لحاجتك. صحيح أ نّك نقلت الحجر إلى بيتك والماء إلى آنيتك ولكنّ هذا لا يخلق فرصة لم تكن من قبل للانتفاع بالمال بشكل عامّ؛ لأنّ هذا النقل إنّما يمهّد لانتفاعك بالحجر أو الماء، ولا يذلّل عقبة عامّة في هذا السبيل، ولا يمنح المال صفة تجعله أكثر استعداداً أو لياقة للنفع بصورة عامّة، كإحياء الأرض الذي يقضي على مقاومة الأرض للانتفاع بها بشكل عامّ، ويمنحها كفاءة جديدة للقيام بدورها العامّ في حياة الإنسان.
وعلى هذا الأساس نستطيع أن نقارن الصيد وما إليه من أعمال كخلق فرصة جديدة في الثروات المنقولة بعمليّة إحياء الأرض؛ لأنّ الصيد والإحياء يتّفقان في خلق فرصة عامّة لم تكن متاحة من قبل. ونقارن حيازة الثروة المنقولة بعملية زراعة الأرض العامرة بطبيعتها، فكما أنّ زراعة الأرض العامرة طبيعيّاً لا تخلق في الأرض فرصة جديدة، وإنّما هي عمل من أعمال الانتفاع والاستثمار، كذلك حيازة الماء من العيون الطبيعيّة[1].
وهذا التمييز بين حيازة الثروات المنقولة وبين العمل فيها لإيجاد فرصة الانتفاع كالصيد وما إليه من أعمال لا يعني انفصال هذين الأمرين أحدهما عن
[1] يلاحظ هنا أ نّا لم نقارن بين حيازة الماء المباح وحيازة الأرض العامرة بطبيعتها، وإنّما قارنّا بين حيازة الماء وزراعة الأرض العامرة؛ وذلك لأنّ حيازة الأرض ليست عملًا من أعمال الانتفاع والاستثمار كما مرّ سابقاً، أمّا حيازة الماء فهي من أعمال الانتفاع ذات الصفة الاقتصاديّة، كزراعة الأرض العامرة بطبيعتها.( المؤلّف قدس سره)