فمن الطبيعي أن لا تجد السلطة تعارضاً بين هذا الهدف المادّي وبين ما تحيط به نفسها من امتيازات ومتعة. ومن الطبيعي أيضاً أن لا يقرّ الجهاز الحاكم الملكيّة العامّة عمليّاً إلّافي حدود الدافع المادّي الذي يدفعه إلى مضاعفة الإنتاج وتنميته.
ولا يبدو غريباً بعد ذلك أن نجد جهاز الدولة في التجربة القديمة وهو يضجّ بخيانات الموظّفين وإثرائهم على حساب الممتلكات العامّة، ونجد ستالين في التجربة الحديثة وهو يضطرّ إلى الاعتراف بأنّ كبار رجال الدولة والحزب قد استغلّوا فرصة انشغال دولتهم بالحرب الأخيرة، فجمعوا الأموال والثروات، حتّى أ نّه أذاع ذلك في منشور عمّمه على جميع أبناء الشعب.
فالتشابه بين التجربتين الاشتراكيّتين واضح كلّ الوضوح في الظواهر والنتائج بالرغم من اختلاف ظروفهما المدنيّة وأشكال الإنتاج فيهما، وهذا يشير إلى أنّ الجوهر في كلتا التجربتين واحد مهما اختلفت الألوان والإطارات.
وهكذا نعرف أنّ كلّ تجربة للتأميم تمنى بنفس النتائج إذا كانت في نفس الإطار السياسي للتجربة الماركسيّة، إطار السلطة المطلقة، وكان المبرّر الموضوعي لها في رأي قادة التجربة هو نفس المبرّر الذي يباشر قادة الماركسيّة تجربتهم على أساسه، وهو تنمية الإنتاج التي هي القوّة الدافعة للتاريخ على مرّ الزمن في مفاهيم المادّية التاريخيّة.
[4- من كلٍّ حسب طاقته، ولكلٍّ حسب عمله:]
وأمّا الركن الأخير من المرحلة الاشتراكيّة فهو- كما سبق- مبدأ التوزيع القائل: من كلٍّ حسب طاقته، ولكلٍّ حسب عمله.
ويرتكز هذا المبدأ- من الناحية العلميّة- على قوانين المادّية التاريخيّة، فإنّ المجتمع بعد أن يصبح طبقة واحدة- بموجب قانون الاشتراكيّة الحديثة-