ووجدت عند التجاريّين لو لم تقم حركة تجريد العمّال من وسائلهم المنتجة واغتصابها لحساب التجاريّين؟!
وردّنا على هذا القول يتلخّص في وجوه:
فأوّلًا: أنّ هذا الوصف لا ينطبق على المجتمعات التي قامت فيها الرأسماليّة على أكتاف الطبقة الإقطاعيّة كما اتّفق في ألمانيا مثلًا؛ إذ قام عدد كبير من الإقطاعيّين بتشييد المصانع ومباشرة إدارتها وتمويلها بما كانوا يحصلون عليه من ريع إقطاعي، فليس من الضروري أن يحدث التحوّل من الإقطاع إلى الرأسماليّة على أثر حركة اغتصاب جديد ما دام يمكن للإقطاعيّين أنفسهم أن يباشروا الإنتاج الرأسمالي على أساس ما يملكون من ثروات إقطاعيّة تمّ لهم استملاكها في مطلع التاريخ الإقطاعي.
وكما لا ينطبق الوصف الماركسي على الرأسماليّة الصناعيّة التي نشأت على أكتاف الطبقة الإقطاعيّة كذلك لا ينطبق على الرأسماليّة الصناعيّة التي تكوّنت من الأرباح التجاريّة، كما وقع في الجمهوريّات التجاريّة الإيطاليّة ك (البندقيّة) و (جنوا) و (فلورنسة) وغيرها، فإنّ طبقة من التجاريّين وجدت في هذه المدن قبل أن يخلق اجراء الصناعة، أي قبل أن يوجد النظام الرأسمالي بمعناه الصناعي الذي يفتّش ماركس عن جذوره، فكان الصنّاع يعملون لحسابهم الخاصّ، وكان اولئك التجّار يشترون منهم منتوجاتهم للاتّجار بها، فيجنون الأرباح الطائلة عن طريق التجارة مع الشرق التي ازدهرت في أعقاب الحروب الصليبيّة، وازداد مركزهم التجاري نجاحاً بتمكّنهم من احتكار التجارة مع الشرق عن طريق التفاهم مع سلاطين المماليك أصحاب السيادة على مصر والشام، فتضاعفت أرباحهم، واستطاعوا عن هذا الطريق أن يتخلّصوا من سلطة الإقطاع، وبالتالي أن يشيّدوا المصانع الكبيرة التي اكتسحت- بالمنافسة- الصناعات