بل قد يكره أو يحرم إذا كان في معرض حصول الوسواس (1).
————-
(1) قد يقال بحرمة الوسواس: إمّا بما هو حالة نفسية من التشكّك إذا كانت اختيارية، وإمّا باعتباره عنواناً ثانوياً للعمل الذي يأتي به الوسواسيّ نتيجةً لذلك، وقد يفرَّع على ذلك حرمة الاحتياط المؤدّي بطبعه إلى الوسواس، باعتباره سبباً توليدياً للحرام فيحرم.
ولكنّ الصحيح: أ نّه لا مدرك لحرمة الوسواس غير دعوى كونه من إيحاءات الشيطان، كما دلّت عليه الروايات[1]، مع حرمة اتّباع خطواته وطاعته التي هي نحو من العبادة العملية له.
وهي مدفوعة: بأنّ الطاعة واتّباع الخطوات، والعبادة العملية وما يساوق ذلك من العناوين متقوّمة بقصد امتثال الشيطان ولو بمعنى الكيان الباطل، واتّخاذه قدوةً ومطاعاً، فلو فرض أنّ هذه العناوين محرّمةٌ فلا يعني ذلك حرمة احتياط الوسواسيّ الذي يقصد به اللَّه سبحانه وتعالى، ولا يريد به الانصياع لأيّ كيانٍ شيطانيّ. فمجرّد الإتيان بذات ما يطلبه الشيطان بداعٍ آخر لا يحقّق عنوان الطاعة والعبادة للشيطان، لا موجب لحرمته مالم يكن الفعل في نفسه ممّا دلّ الدليل على حرمته.
[1] كما في معتبرة عبد اللَّه بن سنان، قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه عليه السلام رجلًا مبتلىً بالوضوءوالصلاة، وقلت: هو رجل عاقل، فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام:« وأيّ عقلٍ له وهو يطيع الشيطان؟!» فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال:« سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيءٍ هو؟ فإنّه يقول لك: من عمل الشيطان». وسائل الشيعة 1: 63، الباب 10 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 1.