دليل الحكم المعلّل فافتراض مثل هذه العلّة يساوق عرفاً إلغاء العلّة المذكورة في دليل الحكم المعلّل، كما هو الحال في المقام، فإنّ العلة التي تفترضها قاعدة الطهارة لسنخ الحكم المعلّل هي الشكّ غير المسبوق بالنجاسة كحالةٍ سابقة، وهذه العلّة نسبتها إلى العلّة المذكورة في رواية عبد اللَّه بن سنان- وهي الشكّ المسبوق بالطهارة كحالةٍ سابقةٍ- نسبة الجامع الأعمّ إلى أمرٍ أخصّ منه.
والحاصل: أنّ ظاهر التعليل عرفاً نفي علّية ما هو أوسع لسنخ الحكم، لا نفي علّية علّةٍ اخرى في عرض العلّة المذكورة، وبذلك تتمّ المعارضة.
قلنا: إنّما يستفاد من التعليل بعلّة عدم علّية جامع أوسع إذا ورد في موردٍ يمكن فيه انفكاك الجامع عن تلك العلّة عادةً، فإذا قيل مثلًا: «أكرم زيداً لأنّه عالم عادل» دلّ بمفهوم التعليل فيه على أنّ العلم مع عدم الكفر بمجرّده ليس علّةً لسنخ الحكم بوجوب الإكرام، إذ لو كان علّةً لذلك مع كونه أوسع صدقاً من العلّة المصرّح بها لكان العدول من التعليل به إلى التعليل بالأخصّ لغواً عرفاً.
وأمّا في المقام فالشكّ في النجاسة المقيّد بكون الطهارة هي الحالة السابقة وإن كان أخصَّ مطلقاً من الشكّ غير المقيّد بكون النجاسة هي الحالة السابقة ولكن مع هذا قد يدَّعى صحة العدول عرفاً في رواية عبد اللَّه بن سنان من التعليل بالأعمّ إلى التعليل بالأخصّ؛ لأنّ موردها هو الثوب. ومن الواضح أنّ انتفاء الحالة السابقة فيه رأساً فرض غير عادي، وإنّما هو مردّد عادةً بين أن تكون له حالة سابقة هي الطهارة، وأن تكون له حالة سابقة هي النجاسة، وهذا يعني أنّ عدم كون النجاسة حالةً سابقةً مساوق عادةً لكون الطهارة حالةً سابقة بلحاظ مورد الروايات، وبذلك يكون التعليل بالأخصّ مستساغاً عرفاً وإن كان الأعمّ علّةً في نفسه أيضاً.
الجهة الخامسة:
أنّ قاعدة الطهارة- بعد البناء على عدم تقوّمها بلحاظ