الأوّلَين تشمل الرواية بإطلاقها صورة الشكّ في النجاسة من أوّل الأمر، وعلى الأخير لا تشمل ذلك؛ لأنّ الفعل ظاهر في الحدوث. وبما أنّ كلّ هذه الامور محتمل تصبح الرواية ممّا يحتمل فيها قرينية المتّصل فتكون مجملة.
نعم، لو ادّعي ارتكازية عدم الفرق بين الشكّ في طروّ النجاسة والشكّ في النجاسة من أوّل الأمر ثبت الحكم مطلقاً، ولكنّ احتمال الفرق وكون طهارة الشيء حدوثاً نكتةً دخيلةً في ملاك جعل قاعدة الطهارة ليس على خلاف الارتكاز.
وأمّا إذا كان مدرك القاعدة هو الوجه الثاني- أي الروايات المتفرّقة- فقد يقال: إنّ الحال حينئذٍ أسوأ؛ لعدم وجود العموم أو الإطلاق فيها؛ لورودها جميعاً في موارد الشكّ في حدوث النجاسة، ولا يمكن التعدّي من ذلك إلى مورد الشكّ في النجاسة من أوّل الأمر إلّامع قيام الارتكاز على عدم الفرق، ولا ارتكاز كذلك، فلا بدّ من التفصيل.
وغاية ما يمكن أن يُقَرَّب به إطلاق القاعدة على هذا الوجه التمسّك بمثل قوله: «إذا لم أعلم» في قوله: «ما ابالي أبَوْل أصابني أو ماء إذا لم أعلم». وهذا التمسّك يتوقّف على دعوى: أنّ متعلّق العلم المنفيّ في قوله: إذا لم أكن أعلم لمالم يذكر صريحاً، ولم يُعيّن أ نّه أصل النجاسة والإصابة أو حدوثها، فلا بدّ من تعيينه بالاستظهار، فيستظهر أنّ المتعلّق هو أصل النجاسة، لا حدوثها بعنوانه، فيتحصّل من ذلك: أنّ مناط الحكم هو عدم العلم بالنجاسة، لا عدم العلم بحدوثها، فيشمل موارد الشكّ في النجاسة من أوّل الأمر، وعهدة هذا الاستظهار على مدَّعيه.
ثمّ إنّه بناءً على شمول القاعدة لموارد الشكّ في النجاسة من أوّل الأمر قدتوقع المعارضة بينها وبين ظهور دليل استصحاب الطهارة في رواية عبد اللَّه