المشترك من الظروف والملابسات ولهذا اتّحد موقف الجميع، ومن الواضح أنّ افتراض انفراد هذا القدر الضئيل المشترك بالتأثير وعدم وجود تأثير لسائر الجوانب المختلفة من حياة هؤلاء، لا يملك إلّاقيمة احتمالية ضئيلة جدّاً، وبذلك يصبح احتمال مجيء الجميع بلون واحد ضعيفاً إلى أقصى حدّ.
وحقيقة الأمر- في كلا المثالين- هي أنّ هناك علماً إجمالياً بأنّ سبب ظهور وجه الكتابة- أو اختيار اللون الأصفر مثلًا- هو إمّا هذا الجزء من ملابسات تلك الرمية- وهذا الشخص-، أو الجزء الآخر، أو الجزء الثالث …، وهكذا.
وعدد أطراف هذا العلم الإجمالي الذي نعبّر عنه ب (العلم الإجمالي 2) أكبر كثيراً من عدد أطراف (العلم الإجمالي 1)؛ لأنّ (العلم الإجمالي 1) استمدّ أطرافه من الصور الممكنة لظهور وجه الكتابة إيجاباً وسلباً في المرّات العشر مثلًا، وأمّا هذا العلم فيستمدّ أطرافه من عدد الملابسات والظروف التي تكتنف الرمية الاولى، مضروباً بعدد الملابسات والظروف التي تكتنف الرمية الثانية، وهكذا إلى الرمية العاشرة.
وحيث أنّ الظروف والملابسات المتحرّكة والمتغيّرة من مرّة إلى مرّة أكثر جدّاً من الظروف والملابسات التي قد يفترض كونها ثابتة، فمن الطبيعي أن تتجمّع قيم احتمالية كثيرة جدّاً من (العلم الإجمالي 2) ضدّ احتمال أن يتكرّر نفس الوجه في جميع المرّات.
وهكذا نصل في هذا الضوء إلى حقيقة المبدأ الأرسطي القائل: «إنّ الصدفة لا تتكرّر بصورة متماثلة ومتتالية»، فليس هذا المبدأ قاعدة عقلية قبلية على مستوى القواعد المنطقية المستقلّة عن التجربة، وإنّما هو محور لتجمّع كبير من القيم الاحتمالية يجعل احتمال تكرّر الصدفة بصورة متماثلة ومتتالية أصغر من احتمال أيّ صورة اخرى من الصور الممكنة.