– مثلًا- أن يظهر وجه الكتابة في ألف رمية متتابعة لقطعة النقد. وهذا جعله يتصوّر: أنّ هناك مبدأً عقلياً قبلياً يحكم بأنّ تكرّر الصدفة بصورة متماثلة في عدد كبير من المرّات المتتابعة أمر مستحيل.
والمنطق الأرسطي وإن أصاب في رفضه لافتراض ظهور وجه الكتابة- مثلًا- في ألف رمية متتابعة، ولكنّه أخطأ في تفسير هذا الرفض، فإنّ استبعاد هذا الافتراض لا يقوم على أساس مبدأ عقلي قبلي، كما برهنّا عليه في القسم الأوّل من بحوث هذا الكتاب، وإنّما يقوم على أساس أنّ حالة ظهور الكتابة في كلّ المرّات- وبتعبير أعمّ: حالة تكرّر الصدفة بنحوٍ واحد- تواجه عاملًا خاصّاً يضعّف بحساب الاحتمالات قيمتها الاحتمالية إلى أبعد حدّ.
ويمكن توضيح هذا العامل بالبيان التالي:
إنّ الحالات المتتابعة التي وقعت في كلّ واحدة منها تجربة- رمية قطعة النقود مثلًا- إذا قارنّا بينها واستطعنا أن نستوعب كلّ ظروفها وملابساتها، فسوف نجد: أ نّها تختلف في عددٍ كبيرٍ من الملابسات والظروف، بينما قد لا تشترك إلّا في جزءٍ ضئيلٍ جدّاً من تلك الملابسات والظروف: فوضع الهواء ونوع تحرّكه، ووضع الكفّ التي تقذف قطعة النقد، ووضع القطعة النقديّة في الكفّ وهي تقذف، وأوضاع سائر الأشياء التي قد تتدخّل في تغيير اتجاه قطعة النقد، إنّ كلّ هذه الأوضاع تختلف من حالة إلى حالة، ولا يظلّ شيء منها ثابتاً ومشتركاً بين الحالتين إلّاأحياناً وبقدرٍ يسير.
وعلى هذا الأساس نعرف أنّ افتراض تكرّر نفس الصدفة بظهور وجه الكتابة مرّاتٍ عديدة يعني: افتراض أنّ نفس ذلك الجزء الثابت من مجموع الملابسات والظروف في جميع الحالات هو السبب الذي يتحكّم في تعيين الوجه الذي سوف يبدو للعملة النقدية، دون الجوانب المتحرّكة وغير الثابتة، إذ لو كان