قول من هذا القبيل[1].
وعلى هذا الأساس أصبح من المعقول استبدال السببيّة العقلية بالاطرادات الإحصائية، فبدلًا من القول بأنّ (أ) ستسبّب (ب) إلّاإذا لم تسبّبها، نقول: إنّ (أ) تعقبها (ب) مرّة واحدة أو خمسين مرّة في كلّ مائة مرّة يوجد فيها (أ). وبهذا نصل إلى قانون مفيد يمكن اتخاذه أساساً لمعرفتنا بما حولنا من الأشياء.
ولا شكّ في أنّ قضية تتحدّث عن نسبة اطراد وجود (ب) عقيب (أ) هي أكثر فائدة من قضية تقول: إنّ (أ) ستسبّب (ب) إلّاإذا لم تسبّبها، ولكن هذا لا يدعونا إلى رفض مبدأ السببيّة. فنحن لو كنّا قادرين على أن نستوعب كلّ الموانع التي تحول دون تأثير (أ) في إيجاد (ب)- ولنفرض أ نّها عبارة عن (ج) (د) (ه) (ي)- لأمكننا أن نصوغ التعميم السببي صياغة معقولة فنقول: إنّ (أ) تسبّب (ب) إلّاإذا اتّفق وجود (ج) أو (د) أو (ه) أو (ي). وحيث أنّ استيعاب كلّ تلك الموانع غير ميسور- بموجب الافتراض الذي تقدّم- فليس بإمكاننا الوصول إلى صياغة من هذا القبيل للتعميم السببي.
وعلى هذا الأساس نحاول، بدلًا من استيعاب الموانع، أن نعرف بالاستقراء نسبة وجودها إلى مجموع حالات وجود (أ)، لنخرج بإحصاء لدرجة تكرّر وجود (ب) عقيب (أ)، فإذا لاحظنا مثلًا: أنّ النسبة هي واحد من خمسة، فسوف نقول: إنّ (أ) يعقبها (ب) عشرين مرّة في كلّ مائة مرّة يوجد فيها (أ). ونحن في الحصول على هذه النسبة الإحصائية لوجود (ب) في حالات وجود (أ)، اعتمدنا على الاستقراء، أي أ نّنا جرّبنا مجاميع عديدة من حالات وجود (أ)، كلّ مجموعة تشتمل على مائة حالة من حالات وجود (أ)، فرأينا أنّ (ب) تكرّر في
[1] المعرفة الإنسانية لرسل: 474- 475