وقد استشكل المحقّق الإصفهاني رحمه الله[1] في دلالة هذه الطائفة بأ نّها مختصّة بغير ما هو محلّ الكلام، أي بالأرض التي كانت عامرةً ثمّ خربت.
وهذا المطلب هو ظاهر جملةٍ من هذه الروايات باعتبار التعبير ب «الخربة»، وصريح جملةٍ منها باعتبار التعبير ب «بادَ أهلُها»[2].
إلّاأنّه يمكن تتميم دلالة هذه الروايات على المقصود بأحد تقريبات:
التقريب الأوّل: إنّ هذه الروايات موضوعُها هو الميْت بعد أن كان له أهل، ومن الواضح- بحسب مناسبات الحكم والموضوع المركوزة عرفاً- أنّ كون هذه الأرض كان لها أهل غيرُ دخيلٍ في مالكيّة الإمام، وإنّما الدخيل في ذلك هو موتُها، فتُلغى خصوصيّة هذا القيد، ويقال: إنّ تمام الموضوع هو كون الأرض ميْتة ومجرّدة وعاطلة، ووجود مالك سابق إن لم يكن يناسب الدخل في عدم جعل مالك في مقابله، فهو لا يناسب الدخل في جعل مالك في مقابله.
التقريب الثاني: إنّنا نفرض أرضاً كانت عامرةً بطبعها لا بعمارة بشر، ثمّ عرَضَ عليها الموت بعارضٍ طبيعي، فلا إشكال حينئذٍ في أ نّه يصدق عليها أ نّها خربة، وتشملها جملة من روايات هذه الطائفة، وهي الروايات التي كان موضوعها عنوان (الخربة) على الإطلاق من دون تقييد بوصف: «باد أهلها».
وإذا ثبت الحكم في الأرض الميْتة بفعل الطبيعة، تعدّينا- بارتكاز عدم الفرق وعدم التفصيل في الفتوى- إلى الميْتة بطبعها الأصلي.
التقريب الثالث: إذا كان عنوان (الخربة) بمعنى الخراب بعد العمران فلتفرض تماميّة الإشكال، أمّا إذا كان عنوان (الخربة) في مقابل (العامرة)،
[1] حاشية المكاسب( الإصفهاني) 3: 15- 16
[2] وسائل الشيعة 9: 524، 533، الباب 1 من أبواب الأنفال، الأحاديث 4، 26، 28