حياة الإنسان، وهذا الهدف كما يحصل بخطابٍ متعلّقٍ بأفعال المكلّفين- كخطاب «صلِّ» و «صُم» و «لا تشرب الخمر»- كذلك يحصل بخطابٍ متعلّقٍ بذواتهم، أو بأشياء اخرى تدخل في حياتهم، من قبيل الأحكام والخطابات التي تنظِّم علاقة الزوجية وتعتبر المرأة زوجةً للرجل في ظلِّ شروطٍ معيّنة، أو تنظِّم علاقة الملكية وتعتبر الشخص مالكاً للمال في ظلّ شروطٍ معيّنة، فإنّ هذه الأحكام ليست متعلّقةً بأفعال المكلّفين، بل الزوجية حكم شرعي متعلّق بذواتهم، والملكية حكم شرعي متعلّق بالمال.
فالأفضل إذن استبدال الصيغة المشهورة بما قلناه من أنّ الحكم الشرعي هو التشريع الصادر من اللَّه لتنظيم حياة الإنسان، سواء كان متعلّقاً بأفعاله أو بذاته أو بأشياء اخرى داخلةٍ في حياته.
تقسيم الحكم إلى تكليفيٍّ ووضعي:
وعلى ضوء ما سبق يمكننا تقسيم الحكم إلى قسمين:
أحدهما: الحكم الشرعي المتعلّق بأفعال الإنسان والموجّه لسلوكه مباشرةً في مختلف جوانب حياته الشخصية والعبادية والعائلية والاقتصادية والسياسية التي عالجتها الشريعة ونظّمتها جميعاً، كحرمة شرب الخمر، ووجوب الصلاة، ووجوب الإنفاق على بعض الأقارب، وإباحة إحياء الأرض، ووجوب العدل على الحاكم.
والآخر: الحكم الشرعي الذي لا يكون موجّهاً مباشراً للإنسان في أفعاله وسلوكه، وهو كلّ حكمٍ يشرِّع وضعاً معيّناً يكون له تأثير غير مباشرٍ على سلوك الإنسان، من قبيل الأحكام التي تنظِّم علاقات الزوجية، فإنّها تشرّع بصورةٍ مباشرةٍ علاقةً معيّنةً بين الرجل والمرأة، وتؤثّر بصورةٍ غير مباشرةٍ على السلوك