وعرّف المادّة بأ نّها:
«هي الواقع الموضوعي المعطى لنا في الإحساس»[1].
أفيكون من مفهوم هذه التعاريف أنّ لينين فصل الديالكتيك عن سائر أجزاء المعرفة البشرية من العلوم، ولم يعتقد باتّصالها به؟! وأ نّه نظر إلى المادّة بصورة تجريدية، ودرسها متغاضياً عمّا فيها من ارتباطات وتفاعلات؟! كلّا؛ فإنّ التعريف لا يعني في كثير أو قليل، تخطّي الارتباط القائم بين الأشياء وإهماله، وإنّما يحدّد لنا المفهوم الذي نحاول الكشف عن روابطه وعلاقاته المتنوّعة؛ ليسهل علينا التحدّث عن تلك الروابط والعلاقات ودرسها.
النقطة الثانية- أنّ الارتباط بين أجزاء الطبيعة لا يمكن أن يكون دورياً.
ونقصد بذلك: أنّ الحادثتين المرتبطتين- كالسخونة والحرارة- لا يمكن أن تكون كلّ منهما شرطاً لوجود الحادثة الاخرى. فالحرارة لمّا كانت شرطاً لوجود الغليان، فلا يمكن أن يكون الغليان شرطاً لوجود الحرارة أيضاً[2].
فلكلّ جزء من الطبيعة- في سجلّ الارتباط العامّ- درجته الخاصّة التي تحدّد له ما يتّصل به من شرائط تؤثّر في وجوده، ومن ظواهر يؤثّر هو في
[1] ما هي المادّية؟: 39
[2] ولا يمكن أن يؤخذ التفاعل بين الأضداد الخارجية دليلًا على إمكان ذلك؛ لأنّ التفاعل بين الأضداد الخارجية لا يعني أنّ كلّ واحد منها شرط لوجود الآخر وسبب له، بل مردّه في الحقيقة إلى اكتساب كلّ ضد صفة من الآخر لم تكن موجودة عنده. فالشحنة السالبة والموجبة تتفاعلان، لا بمعنى أنّ كلًاّ من الشحنتين وجدت بسبب الشحنة الاخرى، بل بمعنى: أنّ الشحنة السالبة ولّدت حالة انجذاب خاصّ في الشحنة الموجبة، وكذلك العكس.( المؤلّف قدس سره)