نجد أنفسنا في تناقض حين نحاول أن نوحّد بين الفكرتين، ولكن قولنا: إيفان رجل، لا يعني في الواقع التوحيد بين الفكرتين، بل التوحيد بين الواقع الموضوعي لكلمة (إيفان)، والواقع الموضوعي لكلمة (رجل)، بمعنى: أنّ للّفظين واقعاً موضوعياً واحداً، ومن الواضح: أنّ واقع رجل لا يناقض الواقع الخارجي لإيفان، بل هو نفسه بالذات. فلا ينطوي التوحيد بينهما على تناقض، وهكذا يتّضح: أنّ التناقض الذي زعمته الماركسية في قضية: (إيفان رجل)، يقوم على أساس تفسير خاطئ للقضية، يعتبرها توحيداً بين فكرتين إحداهما عامّة والاخرى خاصّة، لا بين واقعين موضوعيين.
ومرّة اخرى نسأل عن هذا التناقض المزعوم في قضية: (إيفان رجل)، ما هي حصيلته؟ وما هو الصراع الذي ينتج عن هذا التناقض؟ وما هو التطوّر المنبثق عنه؟ فإنّ التناقضات الداخلية تشعل- في رأي الماركسية- الصراع، وتعتبر وقوداً للتطوّر، فكيف تستطيع الماركسية أن تشرح لنا كيف تتطوّر قضية:
(إيفان رجل)، وهل تعود بسبب تناقضاتها على شكل آخر؟!
ونخلص من دراستنا للتناقضات الديالكتيكية المزعومة إلى نتيجة، وهي:
أنّ كلّ ما عرضته الماركسية من تناقضات في الحقل الفلسفي أو العلمي، أو المجالات الاعتيادية العامّة، ليست من التناقض الذي يرفضه المبدأ الأساسي للمنطق الميتافيزيقي. ولا يمكن أن تعتبر دليلًا على تفنيد هذا المبدأ، بل لا تعدو أن تكون كمعارضات (أوبوليدس) الملطي قبل ألفي سنة لمبدأ عدم التناقض. فقد كان يردّ على هذا المبدأ قائلًا: إذا تقدّم أبوك إليك، وكان مقنّعاً فإنّك لا تعرفه، إذن أنت تعرف أباك، ولا تعرفه في آن واحد[1]. ومن البدهي أنّ هذه الألوان من
[1] يراجع تاريخ الفلسفة اليونانيّة، يوسف كرم: 211