«كما رأينا بأنّ التناقض- مثلًا- بين مقدرة الإنسان على المعرفة مقدرة متأصّلة ولامحدودة، وبين تحقيق هذه المقدرة تحقّقاً فعلياً في البشر الذين هم مقيّدون بظروفهم الخارجية وبقابلياتهم الذهنية، يجد حلوله في تعاقب الأجيال تعاقباً لامحدوداً في التقدّم اللامتناهي، بالنسبة لنا على الأقلّ، وبحسب وجهة النظر العملية»[1].
نجد في هذا مثالًا جديداً لا على مبدأ التناقض، بل على عدم إجادة الماركسية فهم مبدأ عدم التناقض. فإنّه إذا كان من الصحيح: أنّ البشرية قادرة على المعرفة الكاملة، وأنّ كلّ بشر غير قادر على اكتساب تلك المعرفة بمفرده، فليس هذا مصداقاً للديالكتيك، ولا ظاهرة شاذّة عن المنطق الميتافيزيقي ومبدئه الأساسي، بل هو نظير تأكيدنا على أنّ الجيش قادر على الدفاع عن البلد، وأنّ كلّ فرد منهم لا يملك هذه القدرة. فهل هذا هو التناقض؟! وهل هذا هو الذي ارتكز المنطق الميتافيزيقي على رفضه؟! كلّا. فإنّ التناقض إنّما يقوم بين النفي والإثبات، فيما إذا تناولا موضوعاً واحداً. وأمّا إذا تناول الإثبات البشرية بمجموعها، وتناول النفي كلّ فرد بصورة مستقلّة- كما في المثال الذي عرضه أنجلز- فلا يوجد- عندئذٍ- تعارض بين النفي والإثبات.
4- التناقض في الفيزياء، بين الكهربائية الموجبة والسالبة[2].
وهذا التناقض المزعوم ينطوي على خطأين:
الأوّل- اعتبار الشحنة الموجبة والسالبة من قبيل النفي والإثبات، والسلب والإيجاب، نظراً إلى التعبير العلمي عن إحداهما بالموجبة، وعن الاخرى
[1] ضد دوهرنك: 203- 204
[2] حول التناقض: 14