وهذا النحو من الصراع بين الأضداد الخارجية وعملياتها المشتركة، ليس من مستكشفات المادّية أو الديالكتيك، بل هو أمر واضح يقرّه كلّ منطق وكلّ فيلسوف- سواءٌ كان مادّياً أم كان إلهياً- منذ أبعد عصور الفلسفة المادّية والإلهية وإلى اليوم. ولنأخذ مثلًا على ذلك أرسطو إمام المدرسة الميتافيزيقية في فلسفة اليونان، وإنّما نأخذه بالخصوص لا لأنّه فيلسوف إلهي فحسب، بل لأنّه واضع قواعد المنطق العامّ- الذي يسمّيه الماركسيون بالمنطق الشكلي- ومبادئه واسسه. فهو يؤمن بالصراع بين الأضداد الخارجية، مع إقامته للمنطق على مبدأ عدم التناقض، ولم يخطر على فكره أنّ شخصاً سينبغ بعد مئات السنين فيعتبر ذلك الصراع دليلًا على سقوط هذا المبدأ الضروري. وفيما يلي شيء من نصوص أرسطو في شأن الصراع بين الأضداد الخارجية:
«وعلى جملة من القول، إنّ شيئاً مجانساً يمكن أن يقبل فعلًا من قبل الشيء المجانس؛ والسبب فيه أنّ جميع الأضداد هي في جنس واحد، وأنّ الأضداد تفعل بعضها في بعض، وتقبل بعضها من قبل البعض الآخر»[1].
«فبحسب الصورة قد انضمّ شيء ما لكلّ جزء كيف ما اتّفق، ولكن لا بحسب المادّة، ومع ذلك فإنّ الكلّ صار أعظم؛ لأنّ شيئاً جاء وانضمّ إليه. وهذا الشيء يُسمّى الغذاء، ويُسمّى- أيضاً- الضدّ، ولكن هذا الشيء لا يزيد من أن يتغيّر في النوع بعينه، كمثل ما يأتي الرطب ينضمّ إلى اليابس، وبانضمامه إليه يتغيّر، بأن يصير هو نفسه يابساً، وفي الواقع
[1] الكون والفساد: 168- 169