التطوّر في التناقض الداخلي.
ولمّا كانت الطبيعة في زعم الماركسية تقدّم الشواهد والدلائل في كلّ مجال وميدان على ثبوت التناقض واجتماع النقائض والأضداد، فيجب الأخذ بوجهة النظر الثانية.
والواقع: أنّ مبدأ عدم التناقض هو أعمّ القوانين وأكثرها شمولًا لجميع مجالات التطبيق، ولا تشذّ عنه ظاهرة من ظواهر الوجود والكون مطلقاً. وكلّ محاولة ديالكتيكية تستهدف الردّ عليه، أو إظهار الطبيعة بمظهر تناقض، فهي محاولة بدائية، قائمة على سوء فهم لمبدأ عدم التناقض، أو على شيء من التضليل.
فلنشرح قبل كلّ شيء مبدأ عدم التناقض بمفهومه الضروري الذي اعتبره المنطق العامّ قاعدة رئيسية للفكر البشري، ونتناول بعد ذلك مظاهر التناقض المزعوم في الطبيعة والوجود، التي تستند إليها الماركسية في تركيز منطقها الديالكتي والإطاحة بمبدأي عدم التناقض والهوية. فنوضّح انسجام تلك الظواهر معهما، وخلوّها عن التناقضات الديالكتيكية، وبذلك يفقد الديالكتيك سنده من الطبيعة ودليله المادّي، وبالتالي نقرّر مدى عجزه عن تفسير العالم وتبرير وجوده.