مجموعة نظريات وقوانين، ومعنى تكامله كذلك زيادة حقائقه وقلّة أخطائه كمياً.
وأخيراً نريد أن نعرف ماذا تستهدف الماركسية من تطوّر الحقيقة، إنّ الماركسية ترمي من وراء القول بتطوّر الحقيقة، وتطبيق الديالكتيك عليها إلى أمرين:
أوّلًا- نفي الحقيقة المطلقة؛ لأنّ الحقيقة إذا كانت في حركة ونموّ دائمين، فلا توجد حقائق ثابتة بأشكال مطلقة، وبالتالي تتهدّم الحقائق الثابتة الميتافيزيقية التي تدين بها الإلهية.
ثانياً- نفي الخطأ المطلق في سير التطوّر العلمي. فالتطوّر العلمي في عرف الديالكتيك لا يعني أنّ النظرية السابقة خطأ بصورة مطلقة، بل هي حقيقة نسبية، أي: أ نّها حقيقة في مرحلة خاصّة من التطوّر والنموّ. وبهذا وضعت الماركسية ضمانات الحقيقة في مختلف أدوار التكامل العلمي.
وينهار كلا هذين الأمرين على ضوء التفسير الصحيح المعقول للتطوّر العلمي بالمعنى الذي شرحناه. فهو بموجب هذا التفسير ليس نموّاً لحقيقة معيّنة، بل انكشافات جديدة لحقائق لم تكن معلومة، وتصحيحات لأخطاء سابقة، وكلّ خطأ يصحّح هو خطأ مطلق، وكلّ حقيقة تستكشف هي حقيقة مطلقة.
أضف إلى ذلك: أنّ الماركسية وقعت في خلط أساسي بين الحقيقة بمعنى الفكرة، والحقيقة بمعنى الواقع الموضوعي المستقلّ. فالميتافيزيقا تعتقد بوجود حقيقة مطلقة بالمعنى الثاني، فهي تؤمن بواقع موضوعي ثابت وراء حدود الطبيعة، ولا يتنافى هذا مع عدم ثبات الحقيقة بالمعنى الأوّل وتطوّرها المستمرّ، فهب أنّ الحقيقة في ذهن الإنسان متطوّرة ومتحرّكة أبداً ودائماً، فأيّ ضرر يلحق من ذلك بالواقع الميتافيزيقي المطلق الذي تعتقد به الإلهية، ما دمنا نقبل إمكان وجود واقع موضوعي مستقلّ عن الشعور والإدراك؟! وإنّما يتمّ للماركسية