إلى غير ذلك ممّا قام دليلًا عند جملة من الفيزيائيين المتأخرين على خطأ المفهوم (النيوتني) للعالم. وعلى هذا الأساس وضع (آينشتين) نظريته النسبية التي صبّها في تفسير رياضي للعالم، يختلف كلّ الاختلاف عن تفسير (نيوتن)، فهل يمكننا أن نقول: إنّ نظرية (نيوتن) ونظرية (آينشتين) في تفسير العالم، نظريتان حقيقيتان معاً، وإنّ الحقيقة تطوّرت ونمت، فأصبحت في قالب النظرية النسبية، بعد أن كانت في قالب الجاذبية العامّة؟! وهل الزمان والمكان والثقل، هذا الثالوث الثابت المطلق في تفسير (نيوتن)، هو الحقيقة العلمية التي نمت وتحرّكت طبقاً لقانون التطوّر الديالكتي، فتبدّلت إلى نسبية في الزمان والمكان والثقل؟! أو هل القوّة الجاذبية في نظرية (نيوتن) تطوّرت إلى انحناء في الفضاء، فأصبحت القوّة الميكانيكية بالحركة خاصّة هندسية للعالم، تفسّر بها حركة الأرض حول الشمس، وسائر الحركات الاخرى، كما يفسّر بها انحراف الأشعّة النوريّة؟!
إنّ الشيء الوحيد المعقول هو: أنّ دقّة التجارب أو تضافرها أدّى إلى ظهور خطأ النظرية السابقة، وعدم تمثّل الحقيقة فيها، والتدليل على تمثّل الحقيقة في تفسير آخر جديد[1].
وهكذا يتّضح في النهاية ما أكّدنا عليه: من أنّ التطوّر العلمي لا يعني أنّ الحقيقة تنمو وتتدرّج، وإنّما معناه تكامل العلم، باعتباره كلًا، أي: باعتباره
[1] قارن ما ذكرناه بالتفسير الماركسي للتحوّل في علم الميكانيك، الذي قدّمه الدكتور( تقي آراني) في كتابه( ماترياليسيم ديالكتيك) الصفحة 36- 37؛ إذ أقامه على أساس وجود الحقيقة في ميكانيك( نيوتن) والميكانيك النسبي معاً، وتطوّرها فيهما طبقاً للديالكتيك.( المؤلّف قدس سره)