إلى تكميل النظرية العلمية السابقة بمفاهيم جديدة، تضاف إلى النظرية السالفة؛ ليتمّ بذلك تفسير موحّد للواقع التجريبي كلّه. وقد تكشف الدلائل العلمية عن خطأ النظرية السابقة، فتنهار ويعوّض عنها بنظرية اخرى على ضوء التجارب والمشاهدات.
وفي كلّ ذلك لا يمكن أن نفهم التطوّر العلمي فهماً ديالكتيكياً، أو أن نتصوّر الحقيقة كما يفترضها الجدل، تنمو وتتحرّك بموجب التناقضات المحتواة في داخلها، فتتّخذ في كلّ دور شكلًا جديداً، وهي في تلك الأشكال جميعاً حقيقة علمية متكاملة؛ فإنّ هذا بعيد كلّ البعد عن الواقع العلمي للتفكير البشري. بل الشيء الذي يحدث في مجال التعديل العلمي، هو الظفر بحقائق جديدة تضاف إلى الحقيقة العلمية الثابتة، أو انكشاف خطأ النظرية السابقة، وصحّة فكرة اخرى لتفسير الواقع.
فمن قبيل الأوّل (الظفر بحقائق جديدة تضاف إلى الحقيقة العلمية الثابتة) ما وقع للنظرية الذرّية (نظرية أتميسم)، فإنّها كانت فرضية، ثمّ صارت قانوناً علمياً بموجب التجارب، وبعد ذلك استطاعت الفيزياء أن تتوصّل- على ضوء التجارب- إلى أنّ الذرّة ليست هي الوحدة الأوّلية في المادّة، بل هي تأتلف- أيضاً- من أجزاء. وهكذا كملت النظرية الذرّية بمفهوم علمي جديد عن النواة والكهارب التي تتركّب منها الذرّة، فلم تنمُ الحقيقة، وإنّما زادت الحقائق العلمية، والزيادة الكمّية غير النموّ الديالكتيكي والحركة الفلسفية في الحقيقة.
ومن قبيل الثاني (انكشاف خطأ النظرية السابقة وصحّة فكرة اخرى) ما حصل في قانون الجاذبية العامّة، أي: التفسير الميكانيكي الخاصّ للعالم في نظريات (نيوتن)، فإنّ هذا التفسير قد لوحظ عدم اتّفاقه مع عدّة من الظواهر الكهربائية والمغناطيسية، وعدم صلاحيّته لتفسير كيفية صدور النور وانتشاره،