ولو نهج (رنيو) هذا النهج لارتكب خطأً أفظع ممّا تضمّنه قانون (بويل)، ولتاهت ذرّة الحقيقة المنطوي عليها نقده لهذا القانون، واندفنت بين رمال صحراء الباطل، ولأفضى به الأمر أخيراً إلى تشويه النتيجة الصائبة التي أدركها، وإلى إحالتها إلى نتيجة واضحة الأخطاء إذا ما قورنت مع النتيجة التي أدركها قانون (بويل)، الذي يبدو صحيحاً رغم ما هو عالق به من أخطاء جزئية»[1].
ويتلخّص هذا النقد في أنّ الفكر الميتافيزيقي لو كان على صواب فيما يؤمن به للحقائق من إطلاق وتعارض مطلق مع الخطأ، لوجب رفض كلّ قانون علمي لمجرّد وضوح عدم صحّته جزئياً، وفي حالات معيّنة. فقانون (بويل) بحكم الطريقة الميتافيزيقية في التفكير إمّا أن يكون حقيقة مطلقة، وإمّا أن يكون خطأً محضاً، فإذا تبيّن في الميدان التجريبي عدم صحّته أحياناً، فيجب أن يكون لأجل ذلك خطأً مطلقاً، وأن لا يكون فيه شيء من الحقيقة؛ لأنّ الحقيقة لا تجتمع مع الخطأ، ويخسر العلم بذلك جانب الحقيقة من ذلك القانون.
وأمّا في الطريقة الديالكتيكية فلا يعتبر ذلك الخطأ النسبي دليلًا على سقوط القانون سقوطاً مطلقاً، بل هو حقيقة نسبية في نفس الوقت؛ فإنّ الحقيقة تجتمع مع الخطأ.
ولو كان (أنجلز) قد عرف النظرية الميتافيزيقية في المعرفة معرفة دقيقة، وفهم ما تعني من الحقيقة المطلقة، لما حاول أن يوجّه مثل هذا النقد إليها.
إنّ الصحّة والخطأ لم يجتمعا في حقيقة واحدة، لا في قانون (بويل) ولا في
[1] ضد دوهرنك: 153