بصعود حرارته إلى درجة أكبر. فليس للماء في هذا الحال درجة حرارة مطلقة.
هذا هو حال الواقع الموضوعي القائم في الخارج، فإذا قسنا حرارته في لحظة معيّنة، فكانت الحرارة فيه حال تأثّر المقياس بها قد بلغت (90) مثلًا، فقد حصلنا على حقيقة عن طريق التجربة، وهذه الحقيقة هي: أنّ درجة حرارة الماء في تلك اللحظة المعيّنة كانت (90). وإنّما نقول عنها: إنّها حقيقة؛ لأنّها فكرة تأكّدنا من مطابقتها للواقع، أي: لواقع الحرارة في لحظة خاصّة. ومن الطبيعي أنّ حرارة الماء سوف لا تقف عند هذه الدرجة، بل إنّها سوف تتصاعد حتّى تبلغ درجة الغليان.
ولكنّ الحقيقة التي اكتسبناها هي: (الحقيقة) لم تتغيّر، بمعنى: أ نّا متى لاحظنا تلك اللحظة الخاصّة التي قسنا حرارة الماء فيها، نحكم- بكلّ تأكيد- بأنّ حرارة الماء كانت بدرجة (90). فدرجة (90) من الحرارة التي بلغها الماء وإن كانت درجة موقّتة بلحظة خاصّة من الزمان وسرعان ما اجتازتها الحرارة إلى درجة أكبر منها، إلّاأنّ الفكرة التي حصلت لنا بالتجربة- وهي: أنّ الحرارة في لحظة معيّنة كانت في درجة (90)- فكرة صحيحة وحقيقة مطلقة، ولذا نستطيع أن نؤكّد صدقها دائماً. ولا نعني بالتأكيد على صدقها بصورة دائمة: أنّ درجة (90) كانت هي الدرجة الثابتة لحرارة الماء على طول الخطّ؛ فإنّ الحقيقة التي اكتسبناها بالتجربة لا تتناول حرارة الماء إلّافي لحظة معيّنة، فحين نصفها بأ نّها حقيقة مطلقة وليست موقّتة، نريد بذلك: أنّ الحرارة في تلك اللحظة المعيّنة قد تعيّنت في درجة (90) بشكل نهائي، فالماء وإن جاز أن تبلغ حرارته درجة (100)- مثلًا- عقيب تلك اللحظة، ولكن من غير الجائز أن يعود ما عرفناه من درجة الحرارة عن تلك اللحظة الخاصّة خطأ بعد أن كان حقيقة.
وإذا عرفنا أنّ (الحقيقة) هي: الفكرة المطابقة للواقع، وتبينّا أنّ الفكرة إذا