ليست أكثر من تعبير عن شيء ذاتي، فلا تصبح (الحقيقة) حقيقة إلّامن ناحية اسمية فقط. وبذلك تفقد (الحقيقة) في المفهوم النسبي الذاتي صفتها كموضوع للنزاع والصراع الفلسفي بين اتّجاهات اليقين، والشكّ والإنكار في الفلسفة.
فالنسبية الذاتية مذهب من مذاهب الشكّ يتبرقع بستار من الحقيقة.
وهناك تفسير فلسفي آخر (للحقيقة)، وهو الذي يقدّمه لنا (وليم جيمس) في مذهبه الجديد في المعرفة الإنسانية: (البراجماتزم) أو (مذهب الذرائع). وليس هذا التفسير بأدنى إلى الواقعية أو أبعد عن فلسفات الشكّ والإنكار من التفسير السابق الذي حاولته النسبية الذاتية.
ويتلخّص مذهب (البراجماتزم) في تقديم مقياس جديد لوزن الأفكار والفصل فيها بين الحقّ والباطل، وهو: مقدرة الفكرة المعيّنة على إنجاز أغراض الإنسان في حياته العملية. فإن تضاربت الآراء وتعارضت، كان أحقّها وأصدقها هو أنفعها وأجداها، أي: ذلك الذي تنهض التجربة العملية دليلًا على فائدته.
والأفكار التي لا تحقّق قيمة عملية ولا يوجد لها آثار نافعة فيما تصادف من تجارب الحياة، فليست من الحقيقة بشيء، بل يجب اعتبارها ألفاظاً جوفاء لا تحمل من المعنى شيئاً.
فمردّ الحقائق جميعاً في هذا المذهب إلى حقيقة عليا في الوجود، وهي الاحتفاظ بالبقاء أوّلًا، ثمّ الارتفاع بالحياة نحو الكمال ثانياً. فكلّ فكرة يمكن استعمالها كأداة للوصول إلى تلك الحقيقة العليا فهي حقّ صريح وحقيقة يجب تصديقها، وكلّ فكرة لا تصنع شيئاً في هذا المضمار فلا يصحّ الأخذ بها.
وعلى هذا الأساس عرّف (برغسون) الحقيقة: بأ نّها اختراع شيء جديد، وليست اكتشافاً لشيء سبق وجوده. وعرّفها (شلر) بأ نّها ما تخدم الإنسان وحده. وحدّد (ديوي) وظيفة الفكرة قائلًا: إنّ الفكرة أداة لترقية الحياة، وليست