بالواقع الموضوعي على هذا الأساس، فزعمت أنّ الفكرة ليست صورة آلية محضاً لذلك الواقع، بل الواقع يتحوّل إلى فكرة؛ لأنّ كلًاّ منهما شكل خاصّ من أشكال الحركة، والفرق الكيفي بين أشكال الحركة وألوانها لا يمنع من تحليل الانتقال من شكل إلى آخر. فالمادّة الموضوعية لمّا كانت في كيفية وجودها شكلًا خاصّاً من الحركة، فتتحوّل هذه الحركة الفيزيائية للشيء إلى حركة نفسية فيزيولوجية في حوّاسنا، وتتحوّل الحركة الفيزيولوجية إلى حركة نفسية للفكرة[1]، فليس موقف الفكر موقفاً سلبياً، وليس الانعكاس انعكاساً آلياً كما هو مفهوم الفكر لدى المادّية الآلية.
وهذه المحاولة من المادّية الديالكتيكية لا يمكن أن تنجح في كشف علاقة بين الشيء والفكرة، عدا علاقة سبب بنتيجة، وعلاقة واقع بصورة منعكسة عنه؛ نظراً إلى أنّ تحوّل الحركة الفيزيائية للشيء إلى حركة فيزيولوجية- وبالتالي إلى حركة نفسية- ليس هو المفهوم الصحيح أو التفسير المعقول للحسّ أو الفكر؛ فإنّ التحوّل يعني فناء الشكل الأوّل من الحركة والانتقال إلى شكل جديد، كما نقول في حركة المطرقة على السندان: إنّها تتحوّل إلى حرارة. والحرارة والحركة الآلية شكلان من أشكال الحركة. فالقوّة التي كانت تعبّر عن وجودها في شكل خاصّ من الحركة- وهو الحركة الآلية- تحوّلت من ذلك الشكل إلى تعبير جديد لها في شكل جديد، وهو الحرارة. فالحرارة تحتفظ بنفس مقدار القوّة التي كانت تعبّر عن وجودها بالحركة الآلية. هذا هو التحوّل بمعناه الدقيق للحركة من لون إلى آخر. ولنفترض أ نّه أمر معقول، ولكن ليس من المعقول تفسير الحسّ أو الفكر بعملية تحوّل كهذه؛ وذلك لأنّ الحركة الفيزيائية للواقع الموضوعي المحسوس
[1] لاحظ: ما هي المادّية؟: 48