«إذا أردنا طرح المسألة من وجهة النظر التي هي وحدها صحيحة- يعني من وجهة النظر الديالكتيكية المادّية- ينبغي أن نتساءل: هل الكهارب والأثير … موجودة خارج الذهن البشري، وهل لها حقيقة موضوعية أم لا؟ عن هذا السؤال ينبغي أن يجيب علماء التأريخ الطبيعي. وهم يجيبون دائماً ودون تردّد بالإيجاب؛ نظراً لأنّهم لا يتردّدون بالتسليم بوجود الطبيعة وجوداً سبق وجود الإنسان، ووجود المادّة العضوية»[1].
ونلاحظ في هذا النصّ نفس المصادرة التي استعملها (روجيه)، مع التشدّق بالعلم واعتباره الفاصل النهائي في المسألة. فما دام علم التأريخ الطبيعي قد أثبت وجود العالم قبل ظهور الشعور والإدراك، فما على المثاليين إلّاأن يركعوا أمام الحقائق العلمية ويأخذوا بها. ولكنّ علم التأريخ الطبيعي ما هو إلّالون من ألوان الإدراك البشري. والمثالية تنفي الواقع الموضوعي لكلّ إدراك مهما كان لونه، فليس العلم في مفهومها إلّافكراً ذاتياً خالصاً، أفليس العلم حصيلة التجارب المتنوّعة؟! أوَ ليست هذه التجارب والإحساسات التجريبية هي موضع النقاش الدائر حول ما إذا كانت تملك واقعاً موضوعياً أو لا؟! فكيف يكون للعلم كلمته الفاصلة في الموضوع؟!
ج- قال جورج بوليتزير:
«ليس هناك مَن يشكّ في أنّ الحياة المادّية للمجتمع توجد مستقلّة عن وعي الناس؛ إذ ليس ثمّة من يتمنّى الأزمة الاقتصادية، سواءٌ كان رأسمالياً أو بروليتارياً، رغم أنّ هذه
[1] ما هي المادّية؟: 21