وعلى هذا نعرف:
أوّلًا- أنّ المبادئ العقلية الضرورية هي الأساس العامّ لجميع الحقائق العلمية، كما سبق في الجزء الأوّل من المسألة.
ثانياً- أنّ قيمة النظريات والنتائج العلمية في المجالات التجريبية، موقوفة على مدى دقّتها في تطبيق تلك المبادئ الضرورية على مجموعة التجارب التي أمكن الحصول عليها. ولذا فلا يمكن إعطاء نظرية علمية بشكل قاطع إلّاإذا استوعبت التجربة كلّ إمكانيات المسألة، وبلغت إلى درجة من السعة والدقّة بحيث أمكن تطبيق المبادئ الضرورية عليها، وإقامة استنتاج علمي موحّد على أساس ذلك التطبيق.
ثالثاً- في المجالات غير التجريبية- كما في مسائل الميتافيزيقا- ترتكز النظرية الفلسفية على تطبيق المبادئ الضرورية على تلك المجالات، ولكن هذا التطبيق قد يتمّ فيها بصورة مستقلّة عن التجربة: ففي مسألة إثبات العلّة الاولى للعالم- مثلًا- يجب على العقل أن يقوم بمحاولة تطبيق مبادئه الضرورية على هذه المسألة؛ حتّى يضع بموجبها نظريّته الإيجابية أو السلبية، وما دامت المسألة ليست تجريبية فالتطبيق يحصل بعملية تفكير واستنباط عقلي بحت بصورة مستقلّة عن التجربة.