– الأشياء الموضوعية- فليست موجودة؛ لأنّها ليست مدرَكة.
ويتناول (باركلي) في بحثه بعد ذلك الأجسام التي يسمّيها الفلاسفة بالجواهر المادّية ليخفيها عن مسرح الوجود قائلًا: إنّنا لا ندرِك من المادّة التي يفترضونها إلّامجموعة من التصوّرات الذهنية والظواهر الحسّية: كاللون والطعم، والشكل، والرائحة، وما إليها من صفات.
ويعقب (باركلي) على مفهومه المثالي عن العالم مؤكِّداً أ نّه ليس سوفسطائياً ولا شاكّاً في وجود العالم وما فيه من حقائق وكائنات، بل هو يعترف بوجود ذلك كلّه من ناحية فلسفية، ولا يختلف من هذه الناحية عن سائر الفلاسفة، وإنّما يتفاوت عنهم في تحديد مفهوم الوجود. فالوجود عند (باركلي) ليس بمعناه عند الآخرين، فما هو موجود في رأيهم يؤمن (باركلي) بوجوده أيضاً، ولكن على طريقته الخاصّة في تفسير الوجود، التي تعني: أنّ وجود الشيء عبارة عن وجوده في إدراكنا، أي: إدراكنا له.
ويعترض بعد ذلك سؤال بين يدي (باركلي) هو: إذا كانت المادّة غير موجودة فمن أين يمكن- إذن- أن نأتي بالإحساسات التي تنبثق في داخلنا كلّ لحظة، من دون أن يكون لإرادتنا الذاتية تأثير في انبثاقها وتتابعها؟
والجواب عند (باركلي) جاهز، وهو: أنّ اللَّه نفسه يبعث تلك الإحساسات فينا.
وهكذا انتهى (باركلي) من مطافه الفلسفي وقد احتفظ لنفسه بحقيقتين إلى جانب الإدراك: إحداهما العقل (الذات المدرِكة)، والاخرى هي اللَّه (الحقيقة الخلّاقة لإحساساتنا).
وهذه النظرية تلغي مسألة المعرفة الإنسانية ودراسة قيمتها من ناحية موضوعية إلغاءً تاماً؛ لأنّها لا تعترف بموضوعية الفكر والإدراك، ووجود شيء