الاولى- أفكار غريزية أو فطرية، وهي: الأفكار الطبيعية في الإنسان التي تبدو في غاية الوضوح والجلاء كفكرة: اللَّه، والحركة، والامتداد، والنفس.
الثانية- أفكار غامضة تحدث في الفكر بمناسبة حركات واردة على الحواسّ من الخارج، وليست لها أصالة في الفكر الإنساني.
الثالثة- أفكار مختلقة، وهي: الأفكار التي يصطنعها الإنسان ويركّبها من أفكاره الاخرى، كصورة إنسان له رأسان.
وأخذ- أوّل ما أخذ- فكرة (اللَّه) من الطائفة الاولى، فقرّر أ نّها فكرة ذات حقيقة موضوعية؛ إذ هي في حقيقتها الموضوعية تفوق الإنسان المفكِّر وكلّ ما فيه من أفكار؛ لأنّه ناقص محدود، وفكرة (اللَّه) هي فكرة الكامل المطلق الذي لا نهاية له. ولمّا كان قد آمن سلفاً بأنّ الشيء لا يخرج من لا شيء، فهو يعرف أنّ لهذه الصورة الفطرية في فكره سبباً، ولا يمكن أن يكون هو السبب لها؛ لأنّها أكبر منه وأكمل، والشيء لا يجيء أكبر من سببه، وإلّا لكانت الزيادة في المسبّب قد نشأت من لا شيء. فيجب أن تكون الفكرة منبثقة عن الكائن اللانهائي الذي يوازيها كمالًا وعظمة، وذلك الكائن هو أوّل حقيقة موضوعية خارجية تعترف بها فلسفة (ديكارت) وهي: (اللَّه).
وعن طريق هذا الكائن الكامل المطلق أثبت أنّ كلّ فكر فطريّ في الطبيعة الإنسانية، فهو فكر صادق يحتوي على حقيقة موضوعية؛ لأنّ الأفكار العقلية- الطائفة الاولى- صادرة عن اللَّه، فإذا لم تكن صادقة كان تزويد اللَّه للإنسان بها خدعة وكذباً، وهو مستحيل على الكامل المطلق.
ولأجل ذلك آمن ديكارت بالمعرفة الفطرية (العقلية) للإنسان، وأ نّها