صورة الواقع الخارجي ولا تختلف المعطيات الحسّية تبعاً له، أفلم يصبح مقياس الوضعية للكلام المفهوم ميتافيزيقياً في نهاية الشوط، وبالتالي كلاماً غير مفهوم في رأيها؟!
ولنترك الاستاذ آير، ولنأخذ كلمة (المعنى) بمدلولها المتعارف دون أن ندمج فيه التجربة، فهل نستطيع أن نحكم على القضية الفلسفية بأ نّها غير ذات معنىً؟! كلّا طبعاً؛ فإنّ المعنى هو ما يعكسه اللفظ في الذهن من صور، والقضية الفلسفية تعكس في أذهان أنصارها وخصومها على السواء صوراً من هذا القبيل، وما دامت هناك صورة تقذفها القضية الفلسفية إلى أفكارنا فهناك مجال للصدق والكذب، وبالتالي هناك قضية كاملة جديرة بهذا الاسم في العرف المنطقي؛ فإنّ الصورة التي تقذفها القضية الفلسفية إلى ذهننا إن كانت تطابق شيئاً موضوعياً خارج حدود الذهن واللفظ فالقضية صادقة، وإلّا فهي كاذبة.
فالصدق والكذب- وبالتالي الطابع المنطقي للقضية- ليسا من معطيات التجربة لنقول عن القضية التي لا تخضع للتجربة: إنّها لا توصف بصدق أو كذب، وإنّما هما تعبيران بشكل إيجابي أو سلبي عن التطابق بين صورة القضية في الذهن، وبين أيّ شيء موضوعي ثابت خارج حدود الذهن واللفظ.
الماركسية والفلسفة:
وموقف الماركسية من الفلسفة يشبه بصورة جوهرية الموقف الوضعي، فهي ترفض كلّ الرفض فلسفة عليا تفرض على العلوم ولا تنبثق منها؛ لأنّ الماركسية تجريبية في منطقها وأداة تفكيرها، فمن الطبيعي أن لا تجد للميتافيزيقا مجالًا في بحوثها، ولهذا نادت بفلسفة علمية وهي: المادّية الديالكتيكية، وزعمت