3- وهي لذلك قضية لا معنىً لها؛ إذ لا تخبر عن العالم شيئاً.
4- وعلى هذا الأساس لا يصحّ أن توصف بصدق أو كذب[1].
ولنأخذ الصفة الاولى، وهي: أنّ القضية الفلسفية لا يمكن إثباتها، فإنّها تكرار لما يردّده أنصار المذهب التجريبي عموماً؛ فإنّهم يؤمنون بأنّ التجربة هي المصدر الأساسي والأداة العليا للمعرفة، وهي لا تستطيع أن تمارس عملها على المسرح الفلسفي؛ لأنّ موضوعات الفلسفة ميتافيزيقية لا تخضع لأيّ لون علمي من ألوان التجربة.
ونحن إذا رفضنا المذهب التجريبي وأثبتنا وجود معارف قبلية في صميم العقل البشري يرتكز عليها الكيان العلمي في مختلف حقول التجربة، نستطيع أن نطمئنّ إلى إمكانات الفكر الإنساني، وقدرته على درس القضايا الفلسفية، وبحثها في ضوء تلك المعارف القبلية على طريقة القياس والهبوط من العامّ إلى الخاصّ[2].
وأمّا الصفة الثانية، وهي: أ نّا لا نستطيع أن نصف الظروف التي إن صحّت كانت القضية صادقة وإلّا فهي كاذبة، فلا تزال بحاجة إلى شيء من التوضيح.
فما هي هذه الظروف الواقعية أو المعطيات الحسّية التي يرتبط صدق القضية بها؟
وهل تعتبر الوضعية من شرط القضية أن يكون مدلولها بالذات معطىً حسّياً كما في قولنا: (البرد يشتدّ في الشتاء، والمطر يهطل في ذلك الفصل) أو تكتفي بأن يكون
[1] راجع الموسوعة الفلسفيّة، وضع لجنة من العلماء والأكاديميّين السوفياتيّين: 582- 585، وموجز تاريخ الفلسفة: 644- 654، تأليف جماعة من الأساتذة السوفيات، والموسوعة الفلسفيّة المختصرة: 149، نقلها عن الإنجليزيّة: فؤاد كامل، جلال العشري، عبد الرشيد الصادق
[2] أو على طريقة الاستقراء والصعود من الخاصّ إلى العامّ بالنحو الذي حقّقه المؤلّف قدس سره في كتاب« الاسس المنطقيّة للاستقراء» في ضوء المذهب الذاتي للمعرفة.( لجنة التحقيق)