للمعرفة يجب أن لا يفصل بأيّة درجة كانت عن التطبيق، وتشنّ نضالًا ضدّ كلّ النظريات الخاطئة التي تنكر أهمية التطبيق أو تسمح بانفصال المعرفة عن التطبيق»[1].
إنّ الماركسية- كما يبدو- تعترف بوجود مرحلتين للمعرفة البشرية، ومع ذلك فإنّها لا تريد أن تسلِّم بوجود معرفة منفصلة عن التجربة، وهذا هو التناقض الأساسي الذي تقوم عليه نظرية المعرفة في المادية الديالكتيكية؛ ذلك أنّ العقل لو لم يكن لديه معارف ثابتة بصورة مستقلّة عن التجربة، لم يستطع أن يضع النظرية على ضوء الإدراكات الحسّية، وأن يكوِّن مفهوماً للمعطيات التجريبية؛ فإنّ استنتاج مفهوم خاصّ من الظواهر المحسوسة بالتجربة إنّما يتاح للإنسان إذا كان يعرف- على الأقلّ- أنّ ظواهر كهذه تقتضي بطبيعتها مفهوماً كذاك، فيركّز استنتاجه لنظريّته الخاصّة على ذلك.
ولأجل أن يتّضح هذا يجب أن نعرف أنّ التجربة- كما تعترف الماركسية- تعكس ظواهر الأشياء، ولا تكشف عن جوهرها وقوانينها الداخلية التي تهيمن على تلك الظواهر وتنسِّقها، ومهما كرّرنا التجربة وأعدنا التطبيق العملي فسوف لا نحصل- على أفضل تقدير- إلّاعلى أعداد جديدة من الظواهر السطحية المنفصلة.
ومن الواضح: أنّ هذه الإدراكات الحسّية التي نستحصلها بالتجربة لا تقتضي بذاتها تكوين مفهوم عقلي خاصّ عن الشيء الخارجي؛ لأنّ هذه الإدراكات الحسّية التي هي الخطوة الاولى من المعرفة قد يشترك فيها أفراد عديدون ولا ينتهون جميعاً إلى نظرية موحَّدة ومفهوم واحد عن جوهر الشيء
[1] حول التطبيق: 4