مع الحكم كعلاقته مع سائر أمواله، فهو لا يملك الحكم الشرعي مثلًا. وبتعبير آخر: أنّ الحكم الشرعي لا يمكن أن يكون مبيعاً؛ لعدم وجود إضافة وعلاقة اعتباريّة له بالبائع، والحقّ ليس إلّاحكماً شرعيّاً فلا يجوز بيعه.
أضف إلى ذلك: أنّ نتيجة بيع الحقّ- لو أمكن- هو أن يتملّكه المشتري، لا أن يكون المشتري صاحب الحقّ، كما هو المقصود، بمعنى أنّ حقّ البائع في الأرض لو افترضناه شيئاً مملوكاً للبائع كسائر أمواله فبيعه يؤدّي إلى تملّك المشتري حقّ البائع، لا إلى اكتسابه هذا الحقّ، وكم فرق بين أن يملك المشتري حقّ البائع، وبين أن يثبت له ذلك الحقّ؟
والذي يبدو أنّ هذا الاعتراض ليس متّجهاً، وأنّ تفسير بيع الفرد للأرض على أساس أنّ المحيي يبيع حقّه في الأرض أمرٌ مقبول؛ وذلك لأنّ دعوى عدم تعقّل بيع الحقّ إن كانت تقوم على أساس أنّ الحقّ ليس مضافاً إلى صاحبه بعلاقة اعتباريّة ولا بدّ في المبيع من علاقة اعتباريّة تربطه بالبائع فالجواب عنها:
أنّ الحقّ مضاف إلى صاحبه إضافة حقيقيّة؛ لأنّ الحقّ حقّه واقعاً، والإضافة الحقيقيّة مصحّحة للنقل والتمليك، كما في تمليك الأجير الحُرّ لعمله، مع أنّ عمله ليس مملوكاً له بالملكيّة الاعتباريّة، بل بنحو من الإضافة الواقعيّة.
وإن كانت الدعوى المذكورة تقوم على أساس أنّ المبيع لا بدّ أن يكون محفوظاً بعد البيع، وهذا إنّما يصدق على الأرض، وأمّا حقّ المحيي في الإحياء فيسقط وينشأ بدلًا عنه حقّ المشتري في الأرض المحياة؛ وذلك لأنّ الحقّ يتشخّص بطرفه، ومع تبدّل الطرف يستحيل بقاء الحقّ بشخصه فالجواب عنها:
أنّ الحقّ من الناحية التكوينيّة وإن كان كذلك؛ لأنّه اعتبار والاعتبار يتشخّص بطرفه، لكن بالنظر العرفي الذي يراه مالًا نجد له جانباً موضوعيّاً قابلًا للانتقال على حدّ انتقال سائر الأموال، ولهذا يقال عرفاً: انتقل حقّ الشفعة مثلًا من فلان