نظام الزكاة وما إليها على أساس هذه المفاهيم المرنة هو الكفيل بإمكان استخدام الزكاة وغيرها لصالح التوازن الاجتماعي العامّ.
وليس غريباً إعطاء مفهوم مرن لمدلول تعلّق به حكم شرعي، كالفقر الذي ربطت به الزكاة، ولا يعني هذا تغيّر الحكم الشرعي، بل هو حكم ثابت لمفهوم خاصّ، والتغيّر إنّما هو في واقع هذا المفهوم تبعاً للظروف.
ونظير هذا مفهوم الطبّ مثلًا، فإنّ الشرع حكم بوجوب تعلّم الطبّ كفاية على المسلمين، وهذا الوجوب حكم ثابت تعلّق بمفهوم خاصّ وهو (الطبّ). ولكن ما هو مفهوم الطبّ؟ و ما يعني تعلّم الطبّ؟ إنّ تعلّم الطبّ هو دراسة المعلومات الخاصّة التي تتوفّر في ظرف ما عن الأمراض وطريقة علاجها، وهذه المعلومات الخاصّة تنمو على مرّ الزمن تبعاً لتطوّر العلم وتكامل التجربة. فما هي معلومات خاصّة بالأمس لا تعتبر معلومات خاصّة اليوم، ولا يكفي في طبيب اليوم أن يتقن ما كان يعرفه الأطباء الحاذقون في عصر النبوّة ليكون ممتثلًا لحكم اللَّه في تعلّم الطبّ. فالمرونة في المفهوم إذن غير التغيّر في الحكم الشرعي. وإذا كان طبيب اليوم غير طبيب عصر النبوّة فمن المعقول أن يكون فقير اليوم في مفهوم الإسلام غير فقير عصر النبوّة أيضاً.
2- إيجاد قطّاعات عامّة:
ولم يكتفِ الإسلام بالضرائب الثابتة التي شرّعها لأجل إيجاد التوازن، بل جعل الدولة مسؤولة عن الإنفاق في القطّاع العامّ لهذا الغرض. فقد جاء في الحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: أنّ على الوالي في حالة عدم كفاية الزكاة أن يموّن الفقراء من عنده بقدر سعتهم حتّى يستغنوا.
وكلمة (من عنده) تدلّ على أنّ غير الزكاة من موارد بيت المال يتّسع