إنتاجي من الناقل، وتمارس لأجل الحصول على فوائد وأرباح. فبينما كانت التجارة مصدراً لهذه الفوائد والأرباح بوصفها شعبة من الإنتاج أصبحت مصدراً لذلك لمجرّد كونها عمليّة قانونيّة لنقل الملكيّة؛ ولهذا نجد في تجارة الرأسماليّة أنّ العمليّات القانونيّة لنقل الملكيّة قد تتعدّد على مال واحد تبعاً لتعدّد الوسطاء بين المنتج والمستهلك، لا لشيء إلّالكي يحصل أكبر عدد ممكن من التجّار الرأسماليّين على أرباح تلك العمليّات ومكاسبها.
ومن الطبيعي أن يرفض الإسلام هذا الانحراف الرأسمالي في عمليّات التداول؛ لأنّه يتعارض مع مفهومه عن المبادلة ونظرته إليها بوصفها جزءاً من الإنتاج كما قلنا آنفاً. ولهذا فهو يعالج قضايا التداول وينظّمها دائماً في ضوء نظرته الخاصّة إليه، ويتّجه إلى عدم فصل التداول تشريعيّاً- في التنظيمات القانونيّة لعقود المقايضة- عن الإنتاج فصلًا حاسماً.
النصوص المذهبيّة للمفهوم:
ومن اليسير الآن- بعد أن اتّضحت معالم المفهوم الإسلامي عن التداول[1]– أن نلمح هذا المفهوم في النصوص المذهبيّة للإسلام، وفي مجموعة من الأحكام والتشريعات التي يضمّها البناء العلْوي للشريعة.
فمن النصوص المذهبيّة التي تعكس هذا المفهوم وتحدّد النظرة الإسلاميّة إلى التداول: ما جاء في كتاب عليّ عليه السلام إلى واليه على مصر مالك الأشتر، وهو يضع له برنامج العمل ويحدّد له مفاهيم الإسلام: «ثمّ استوصِ بالتجّار
[1] قد يكون من الأفضل أن نعبّر عن هذا اللون من المفاهيم بكلمة: اتّجاه إسلامي، تمييزاً لها عن الأحكام الإسلاميّة.( المؤلّف قدس سره)