وعلى هذا الأساس فالإسلام حين يضع تنمية الإنتاج هدفاً للمجتمع يجعل نصب عينيه ارتباط هذه التنمية باليسر والرخاء العامّ؛ ولهذا يرفض من أساليب التنمية ما يتعارض مع ذلك ويضرّ بالناس بدلًا عن تيسير الحياة لهم.
ويمكننا أن نقدّر على هذا الضوء أنّ الإسلام لو كان قد استلم زمام القيادة بدلًا عن الرأسماليّة في عصر ولادة الآلة البخاريّة لما سمح باستعمال الآلة الجديدة التي ضاعفت الإنتاج بقدر ما أطاحت بالآلاف من الصنّاع اليدويّين، إلّا بعد أن يتغلّب على المشاكل والأضرار التي تجلبها الآلة لهؤلاء؛ لأنّ التنمية التي تحقّقها الآلة قبل التغلّب على تلك المشاكل والأضرار سوف لن تكون هدف طريق، بل هدف غاية.
3- تصوّر الإسلام للمشكلة الاقتصاديّة:
وأخيراً فإنّ الإسلام يرى أنّ المشكلة الاقتصاديّة القائمة على أساس تصوّر واقعي للُامور لم تنشأ من ندرة موارد الإنتاج وبخل الطبيعة.
صحيح أنّ موارد الإنتاج في الطبيعة محدودة، وحاجات البشر كثيرة ومتنوّعة.
وحقّاً أنّ مجتمعنا اسطوريّاً يتمتّع بموارد غير محدودة وافرة وفرة الهواء يظلّ سليماً من المشاكل الاقتصاديّة، ولا يوجد فيه فقير؛ لأنّ كلّ فرد فيه قادر على إشباع جميع رغباته في هذا الفردوس.
ولكنّ هذا لا يعني أنّ المشكلة الاقتصاديّة التي تعانيها البشريّة في الواقع نابعة من عدم وجود هذا الفردوس. بل ليست محاولة تفسيرها على هذا الأساس إلّا لوناً من التهرّب عن مواجهة الوجه الواقعي للمشكلة القابل للحلّ بإبراز وجهها