فلا بأس ببيعه بأكثر ممّا اشتراه؛ لأنّه قد عمل فيه عملًا، فبذلك يصلح له»[1][2].
وقد نقل الجزيري عن الفقهاء الأحناف: أنّ «الشخص إذا استأجر داراً أو دكّاناً بمبلغ معيّن كجنيه في الشهر فلا يحلّ له أن يؤجرها لغيره بزيادة»[3]. وهذا هو نفس الموقف الذي رأيناه لدى الفقهاء الإماميّين.
وذكر السرخسي الحنفي في مبسوطه عن الشعبي في رجل استأجر بيتاً وآجره بأكثر ممّا استأجره به إنّه لا بأس بذلك إذا كان يفتح بابه ويغلقه ويخرج متاعه فلا بأس بالفضل. وعلّق السرخسي على ذلك بقوله: بيّن أ نّه إنّما يجوز له أن يستفضل إذا كان يعمل فيه عملًا نحو فتح الباب وإخراج المتاع، فيكون الفضل له بإزاء عمله، وهذا فضل اختلف فيه السلف … وكان إبراهيم يكره الفضل إلّاأن يزيد فيه شيئاً، فإن زاد فيه شيئاً طاب له الفضل وأخذنا بقول إبراهيم[4].
وكما لا يجوز لمن استأجر أرضاً أو أداة إنتاج أن يؤاجرها باجرة أكبر كذلك لا يسمح له أيضاً أن يتّفق مع شخص على إنجاز عمل باجرة معيّنة ثمّ يستأجر للقيام بذلك العمل أجيراً آخر لقاء مبلغ أقلّ من الاجرة التي ظفر بها في الاتّفاق الأوّل، ليحتفظ لنفسه بالفارق بين الاجرتين.
[1] الفروع من الكافي 5: 273، الحديث 10
[2] ليس المقصود بالبيع هنا المدلول الحقيقي الخاصّ لكلمة البيع، وذلك بقرينة قوله:« إلّاأن يكون قد عمل في المرعى .. برضا أصحاب المرعى». فإنّه يدلّ على أنّ للمرعى أصحابه، وهذا يتنافى مع افتراض أنّ الراعي قد اشتراه حقيقة، فيجب أن تفهم كلمة« البيع» بمعنىً عامٍّ يمكن أن ينطبق على الإجارة.( المؤلّف قدس سره)
[3] الفقه على المذاهب الأربعة 3: 117، مع تصرّفٍ يسير
[4] المبسوط 15: 78