الصادق عليه السلام «عن الرجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسمّاة أو بطعام مسمّى، ثمّ آجرها وشرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقلّ من ذلك أو أكثر وله في الأرض بعد ذلك فضل، أيصلح له ذلك؟ قال: نعم، إذا حفر لهم نهراً أو عمل شيئاً يعينهم بذلك فله ذلك[1]. قال: وسألته عن الرجل استأجر أرضاً من
[1] وتوضيح هذا النصّ: أنّ الشخص إذا كان قد استأجر أرضاً بمئة درهم، ودفعها إلى زارع ليزرعها على أساس المشاركة في الناتج بنسبة مئويّة ولنفرضها النصف، وزاد النصف على مئة درهم لم يجز للمستأجر أن يأخذ الزيادة ما لم ينفق عملًا في الأرض كحفر النهر ونحوه.
وقد لاحظ كثير من الفقهاء[ راجع جواهر الكلام 27: 222- 228]: أنّ هذا النصّ يؤدّي إلى إلغاء الفرق بين المزارعة والإجارة، فكما لا يجوز للمستأجر إيجار الأرض بأقلّ والاستفادة من الفارق بين الاجرتين بدون عمل كذلك لا يجوز له- بموجب هذا النصّ- أن يحصل على الفارق نتيجة لعقد مزارعة أيضاً.
ولأجل ذلك كان هذا النصّ يتعارض- في رأيهم- مع النصّين السابقين، إذ أكّدا على الفرق بين المزارعة والإجارة، وأنّ الفارق الناتج عن تفاوت اجرتين لا يجوز بغير عمل، وأمّا الفارق الناتج عن تفاوت نسبتين مئويّتين في مزارعتين فهو جائز.
ولكنّ الواقع هو أنّ النصوص متّسقة ولا تناقض بينها. وتوضيح ذلك بأساليب البحث الفقهي: أنّ النصّين السابقين يعالجان ناحية معيّنة، وهي التفاوت بين اتّفاق المستأجر مع المالك واتّفاقه مع عامله، والربح الذي يحصل عليه المستأجر الوسيط بين المالك والعامل المباشر نتيجة لهذا التفاوت. ومعالجة النصّين لهذه الناحية هي: أنّ الربح الذي يحصل عليه الشخص الوسيط بين مالك الأرض والعامل المباشر فيها كان نتيجة للتفاوت بين مزارعتين، فهو مشروع ولو لم يكن الشخص الوسيط قد قام بأيّ عمل في الأرض قبل أن يزارع عامله بنسبة أقلّ. وأمّا إذا كان نتيجة للتفاوت بين الإجارتين فهو غير مشروع ما لم يكن المستأجر قد قام بعمل خاصّ في الأرض قبل أن يؤجّرها بأقلّ.