بذلك درجاتهم في الخلافة هي ضربٌ من الامتحان لمواهب الجماعة ومدى قدرتها على حمل الأعباء، وقوّة دافعة لها على إنجاز مهامّ الخلافة، والسباق في هذا المضمار.
وهكذا تصبح الملكيّة الخاصّة في هذا الضوء اسلوباً من أساليب قيام الجماعة بمهمّتها في الخلافة، وتتّخذ طابع الوظيفة الاجتماعيّة كمظهر من مظاهر الخلافة العامّة، لا طابع الحقّ المطلق والسيطرة الأصيلة. وقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أ نّه قال: «إنّما أعطاكم اللَّه هذه الفضول من الأموال لتوجّهوها حيث وجّهها اللَّه، ولم يُعطِكموها لتكنزوها»[1].
ولمّا كانت الخلافة في الأصل للجماعة، وكانت الملكيّة الخاصّة اسلوباً لإنجاز الجماعة أهداف هذه الخلافة ورسالتها فلا تنقطع صلة الجماعة، ولا تزول مسؤوليّتها عن المال لمجرّد تملّك الفرد له، بل يجب على الجماعة أن تحمي المال من سفه المالك إذا لم يكن رشيداً؛ لأنّ السفيه لا يستطيع أن يقوم بدورٍ صالحٍ في الخلافة، ولذا قال اللَّه تعالى: «وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً»[2]، ووجّه الخطاب إلى الجماعة؛ لأنّ الخلافة في الأصل لها، ونهاها عن تسليم أموال السفهاء إليهم، وأمرها بحماية هذه الأموال والإنفاق منها على أصحابها. وبالرغم من أ نّه يتحدّث إلى الجماعة عن أموال السفهاء فقد أضاف الأموال إلى الجماعة نفسها، فقال:
«وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ». وفي هذا إشعاع بأنّ الخلافة في الأصل للجماعة، وأنّ الأموال أموالها بالخلافة وإن كانت أموالًا للأفراد بالملكيّة الخاصّة.
[1] الفروع من الكافي 4: 32، الحديث 5
[2] سورة النساء: 5