وحتّى يمارس العمل- أي في فترة الاستعداد وتهيئة الشروط اللازمة التي تتخلّل بين الإقطاع والبدء في العمل- ليس له أيّ حقّ سوى العمل في تلك المساحة المحدّدة من الأرض، أو ذلك الجزء المعيّن من المنجم الذي يسمح له بالإحياء والاستثمار، ويمنع الآخرين من مزاحمته في ذلك؛ لئلّا يضطرب الاسلوب الذي اتّبعه الإمام في استثمار المصادر الطبيعيّة وتقسيم الطاقات عليها وفقاً لكفايتها.
وهذه الفترة التي تتخلّل بين الإقطاع والبدء في العمل يجب أن لا تطول؛ لأنّ الإقطاع لم يكن معناه تمليك الفرد أرضاً أو معدناً، وإنّما هو تقسيم للعمل الكلّي على المصادر الطبيعيّة على أساس الكفاءة. فليس من حقّ الفرد المقطع أن يؤجّل موعد العمل دون مبرّر؛ لأنّ مسامحته في البدء بالعمل تعيق عن إنجاح الإقطاع بوصفه استثماراً للمصادر على أساس تقسيم العمل، كما كانت مزاحمة الغير له في العمل- بعد أن وظّف من قبل الدولة- باستثمار ذلك الجزء الخاصّ الذي تمّ إقطاعه له معيقةً أيضاً عن أداء الإقطاع لدوره الإسلامي.
ولهذا نجد الشيخ الطوسي في المبسوط، يقول عن الفرد المقطع: «إن أخّر الإحياء قال له السلطان: إمّا أن تحييها أو تُخلّي بينها وبين غيرك حتّى يحييها، فإن ذكر عذراً في التأخير واستأجل في ذلك أجّله السلطان، وإن لم يكن له عذر في ذلك وخيّره السلطان بين الأمرين فلم يفعل أخرجها من يده»[1].
وجاء في مفتاح الكرامة: «أ نّه لو اعتذر بالإعسار فطلب الإمهال إلى اليسار لم يُجب إلى طلبه؛ لأنّه لعدم الأمد يستلزم التطويل، فيفضي إلى
[1] المبسوط 3: 273