كما يبدو من ابن قدامة الفقيه الحنبلي أنّ المعادن الباطنيّة المستترة هي من المشتركات العامّة أيضاً في ظاهر المذهب الحنبلي وظاهر مذهب الشافعي، فلا فرق بينها وبين المعادن الظاهرة أو الباطنة غير المستترة من هذه الناحية[1].
وليس من المهمّ فعلًا بالنسبة إلى عمليّة اكتشاف المذهب الاقتصادي التي نمارسها أن ندرس الشكل التشريعي لملكيّة هذه المعادن، وهل هو شكل الملكيّة العامّة أو ملكيّة الدولة، أو أيّ شكل آخر؟ ما دام من المسلّم به أنّ هذه المعادن بحسب وضعها الطبيعي ذات طابع اجتماعي عامّ، ولا يختصّ بها فرد دون فرد.
فتبقى دراسة نوع الملكيّة بحثاً شكليّاً لا يتّصل بأهدافنا فعلًا، وإنّما المهمّ الجدير بالبحث أن نعرف ما إذا كان الإسلام يسمح بخروج معدن الذهب والفضّة مثلًا عن حقل الثروات العامّة، ويمنح الفرد الذي حفر الأرض المعدنيّة واكتشف المادّة ملكيّة المعدن الذي اكتشفه.
ونحن قد رأينا في المعادن الظاهرة، والمعادن الباطنة التي تقرب من سطح الأرض أنّ الشريعة- في رأي جمهور الفقهاء- لم تسمح بتملّكها ملكيّة خاصّة، وإنّما أجازت لكلّ فرد أن يأخذ من مواردها المعدنيّة وفقاً لحاجته دون إضرار بالآخرين. فمن الضروري أن نعرف موقف الشريعة من المعادن الباطنة المستترة، ونتبيّن مدى اتّفاقه أو اختلافه مع موقفها من المعادن الاخرى.
فالمسألة إذن هي: هل يمكن للفرد أن يملك مناجم الذهب والحديد ملكيّة خاصّة باكتشافها عن طريق الحفر، أو لا؟
ويجيب كثير من الفقهاء على هذا السؤال بالإيجاب، فهم يرون أنّ المعدن
[1] لاحظ المغني 6: 157