عمليّة طفيليّة مقصودة للإثراء فحسب، ومؤدّية إلى تطويل المسافة بين السلعة والمستهلك .. فهو اتّجاه شاذّ يختلف عن الوظيفة الطبيعيّة للتداول.
ولنؤجّل المدرك الإسلامي لهذين المفهومين وتوضيحه بشكل أوسع إلى موضعه من الكتاب، ونقتصر على هذا القدر من العرض الذي تحتّم علينا القيام به لتوضيح دور المفاهيم في العمليّة، بالرغم من أنّ ذلك يوقعنا في شيء من التكرار.
ففي ضوء هذين النموذجين لمفاهيم الإسلام نستطيع أن نستوعب ونحدّد الدور الذي يمكن أن تؤدّيه أمثال هذه المفاهيم على صعيد البحث وفي عمليّة الاكتشاف.
فهناك من المفاهيم ما يقوم بدور الإشعاع على بعض الأحكام، وتيسير مهمّة فهمها من نصوصها الشرعيّة، والتغلّب على العقبات التي تعترض ذلك، فالمفهوم الأوّل- الذي عرضناه قبل لحظات عن الملكيّة الخاصّة- يهيّئ الذهنيّة الإسلاميّة ويعدّها لتقبّل نصوص شرعيّة تحدّ من سلطة المالك وفقاً لمتطلّبات المصلحة العامّة للجماعة؛ لأنّ الملكيّة بموجب ذلك المفهوم وظيفة اجتماعيّة يسندها الشارع إلى الفرد؛ ليساهم في حمل أعباء الخلافة التي شرّف اللَّه بها الإنسان على هذه الأرض، وليست حقّاً ذاتيّاً لا يقبل التخصيص والاستثناء، فمن الطبيعي أن تخضع الملكيّة لمتطلّبات هذه الخلافة، ومن اليسير في هذا الضوء تقبّل نصوص تحدّ من سلطة المالك، وتسمح بانتزاع المال من يد صاحبه في بعض الأحايين، كالنصوص الإسلاميّة في الأرض التي تؤكّد على أنّ الأرض إذا لم يقم صاحبها باستثمارها ورعايتها وفقاً لمتطلّبات الخلافة تنتزع منه ويسقط حقّها فيها، وتعطى لآخر[1].
[1] وسائل الشيعة 25: 433، الباب 17 من أبواب كتاب إحياء الموات، الحديث الأوّل