موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج3، ص: 380
والماركسيّة ترى: أنّ المشكلة الاقتصاديّة دائماً هي مشكلة التناقض بين شكل الإنتاج وعلاقات التوزيع، فمتى تمّ الوفاق بين ذلك الشكل وهذه العلاقات ساد الاستقرار في الحياة الاقتصاديّة مهما كانت نوعيّة النظام الاجتماعي الناتج عن التوفيق بين شكل الإنتاج وعلاقات التوزيع.
وأمّا الإسلام فهو لا يعتقد مع الرأسماليّة: أنّ المشكلة مشكلة الطبيعة وقلّة مواردها؛ لأنّه يرى أنّ الطبيعة قادرة على ضمان كلّ حاجات الحياة التي يؤدّي عدم إشباعها إلى مشكلة حقيقيّة في حياة الإنسان.
كما لا يرى الإسلام أيضاً: أنّ المشكلة هي التناقض بين شكل الإنتاج وعلاقات التوزيع كما تقرّر الماركسيّة، وإنّما المشكلة قبل كلّ شيء مشكلة الإنسان نفسه، لا الطبيعة، ولا أشكال الإنتاج.
وهذا ما يقرّره الإسلام في الفقرات القرآنية التالية:
«اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ* وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ* وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ»[1].
فهذه الفقرات الكريمة تقرّر بوضوح: أنّ اللَّه تعالى قد حشّد للإنسان في هذا الكون الفسيح كلّ مصالحه ومنافعه، ووفّر له الموارد الكافية لإمداده بحياته وحاجاته المادّية، ولكنّ الإنسان هو الذي ضيّع على نفسه هذه الفرصة التي منحها اللَّه له بظلمه وكفرانه: «إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ». فظلم الإنسان في حياته العمليّة وكفرانه بالنعمة الإلهيّة هما السببان الأساسيّان للمشكلة الاقتصاديّة في
[1] سورة إبراهيم: 32- 34