الخاصّة ويؤمّم وسائل الإنتاج فهو ينسف الأساس التاريخي للطبقيّة، ويصبح من المستحيل أن يواصل التركيب الطبقي وجوده بعد زوال الشروط الاقتصاديّة التي كان يرتكز عليها.
وقد عرفنا في دراستنا للمادّية التاريخيّة: أنّ العامل الاقتصادي ووضع الملكيّة الخاصّة ليس هو الأساس الوحيد لكلّ التركيبات الطبقيّة على مسرح التاريخ. فكم من تركيب طبقي كان يقوم على اسس عسكريّة أو سياسيّة أو دينيّة؟ كما رأينا فيما سبق. فليس من الضروري تاريخيّاً أن تختفي الطبقيّة بإزالة الملكيّة الخاصّة، بل من الممكن أن يحدث للمجتمع الاشتراكي تركيب طبقي على أساس آخر.
ونحن إذا حلّلنا المرحلة الاشتراكيّة وجدنا أ نّها تؤدّي- بطبيعتها الاقتصاديّة والسياسيّة- إلى خلق لون جديد من التناقض الطبقي بعد القضاء على الأشكال الطبقيّة السابقة.
أمّا الطبيعة الاقتصاديّة للمرحلة الاشتراكيّة فتتمثّل في مبدأ التوزيع القائل:
من كلٍّ حسب طاقته ولكلٍّ حسب عمله. وسوف نرى عند دراسة هذا المبدأ كيف أ نّه يؤدّي إلى خلق التفاوت من جديد؟ فلنأخذ الآن الطبيعة السياسيّة للمرحلة الاشتراكيّة بالبحث والتمحيص.
إنّ الشرط الأساسي للتجربة الثوريّة الاشتراكيّة أن تتحقّق على أيدي ثوريّين محترفين يتسلّمون قيادتها؛ إذ ليس من المعقول أن تباشر البروليتاريا- بجميع عناصرها- قيادة الثورة وتوجيه التجربة، وإنّما يجب أن تمارس نشاطها الثوري في ظلّ القيادة والتوجيه؛ ولذلك أ كّد لينين- بعد فشل ثورة (1905 م)- على: أنّ الثوريّين المحترفين هم وحدهم الذين يستطيعون أن يؤلّفوا حزباً جديدا