النظام الاقتصادي الإقطاعي، وانحلال أحدهما أدّى إلى انبثاق العناصر التكوينيّة للثاني»[1].
ومنذ يبدأ ماركس بتحليل الرأسماليّة تاريخياً يعلّق أهمّية كبيرة على تحليل ما يطلق عليه اسم: التراكم الأوّلي لرأس المال. وهذه النقطة هي بحقّ أوّل النقاط الجوهريّة التي تعتبر ضروريّة لتحليل الوجود التاريخي للرأسماليّة. فإذا كانت قد وجدت طبقة جديدة في المجتمع على أنقاض الإقطاع المتداعي تملك رؤوس أموال، وتتمكّن في سبيل تنميتها من استثمار جهود الاجراء فلا بدّ من أن نفترض مسبقاً عوامل ومؤثّرات خاصّة أدّت إلى تراكم مالي كبير في ثروات طبقة معيّنة، وتجمّع قوى عمّاليّة ضخمة أتاح لتلك الطبقة تحويل ثرواتها إلى رؤوس أموال، وتحويل تلك القوى العمّالية إلى اجراء يمارسون عمليات الإنتاج الرأسمالي باجرة. فما هي تلك العوامل والمؤثّرات التي أتاحت هذا الظرف السعيد لتلك الطبقة؟ وبالأحرى ما هو سرّ التراكم الرأسمالي الأوّل الذي قامت على أساسه الطبقة الرأسماليّة، تقابلها من الناحية الاخرى طبقة الاجراء؟
وحين حاول ماركس تحليل هذه النقطة بدأ أوّلًا باستعراض وجهة النظر التقليديّة للاقتصاد السياسي القائلة: إنّ السبب الذي مكّن لطبقة معيّنة من المجتمع دون غيرها أن تحصل على الشروط الاقتصاديّة للإنتاج الرأسمالي والثروات اللازمة لذلك هو ما تمتاز به تلك الطبقة من ذكاء واقتصاد وحسن تدبير جعلها توفّر شيئاً من دخلها بالتدريج وتدّخره، حتّى استطاعت أن تحصل على رأس مال.
وقد عرض ماركس لهذه النظرة الكلاسيكيّة بطريقته المألوفة في عرض
[1] رأس المال 3، القسم الثاني: 1053